وروى الإمام أحمد عن الشعبي مرسلا قال: (انطلق المغيرة بن شعبة إلى أبي عبيدة فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعملك علينا وان ابن فلان قد اتبع أ مير القوم فليس لك معه أمر). فقال أبو عبيدة: (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا ان نتطاوع فأنا أطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم وان عصاه عمرو). انتهى. فأطاع أبو عبيدة عمرا فكان عمرو يصلي بالناس، وصار معه خمسمائة، فسار حتى نزل قريبا منهم وهم شاقون، فجمع أصحابه الحطب يريدون ان يوقدوا نارا ليصطلوا عليها من البرد، فمنعهم، فشق عليهم ذلك، حتى كلمه في ذلك بعض المهاجرين فغالظه.
فقال له عمرو: (قد أمرت أن تسمع لي). قال: نعم. قال: فافعل.
وروى ابن حبان، والطبراني برجال الصحيح عن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه في غزوة ذات السلاسل فسأله أصحابه أن يوقدوا نارا فمنعهم. فكلموا أبا بكر رضي الله تعالى عنه، فكلمه فقال: (لا يوقد أحد منهم نارا الا قذفته فيها) (1).
وروى الحاكم (2) عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في سرية فيهم أبو بكر، وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، فلما انتهوا إلى مكان الحرب أمرهم عمرو ألا يوقدوا نارا فغضب عمر بن الخطاب وهم أن يأتيه، فنها ه أبو بكر وأخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستعمله الا لعلمه بالحرب. فهدأ عنه، فسار عمرو الليل وكمن النهار حتى وطئ بلاد العدو ودوخها كلها حتى انتهى إلى موضع بلغه أنه قد كان به جمع فلما سمعوا به تفرقوا، فسار حتى إذا انتهى إلى أقصى بلادهم ولقي في آخر ذلك جمعا ليسوا ا بالكثير، فاقتتلوا ساعة وحمل المسلمون عليهم فهزموهم وتفرقوا ودوخ عمرو ما هنالك وأقام أياما لا يسمع لهم بجمع ولا مكان صاروا فيه (الا قاتلهم). وكان يبعث أصحاب الخيل فيأتون بالشاء والنعم فكانوا ينحرون ويأكلون ولم يكن أكثر من ذلك، لم يكن في ذلك غنائم تقسم، كذا قال جماعة.
قال البلاذري: فلقي العدو من قضاعة، وعاملة، ولخم، وجذام، وكانوا مجتمعين ففضهم وقتل منهم مقتلة عظيمة وغنم. وروى ابن حبان والطبراني عن عمرو انهم لقوا ا لعدو، فأراد المسلمون ان يتبعوهم فمنعهم. وبعث عمرو عوف بن مالك الأشجعي رضي الله تعالى عنه بشيرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقفولهم وسلامتهم وما كان في غزاتهم.