في حصن له بأرض الحجاز. فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس يسرحهم قال عبد الله بن عتيك لأصحابه: امكثوا أنتم مكانكم فاني منطلق ومتلطف للبواب لعلي أن أدخل فأقبل حتى دنا من الباب.
قال ابن عتيك: فتلطفت ان أدخل الحصن ففقدوا حمارا لهم فخرجوا بقبس يطلبونه فخشيت ان أعرف فغطيت رأسي ورجلي فتقنعت وجلست كأني اقضي حاجة. ثم هتف صاب الباب، فدخلت ثم اختبأت، وفي لفظ: فكمنت في مربط حمار ورأيت صاحب الباب حيث وضع مفتاح الحصن في كوة. وفي رواية: فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علق الأغاليق على وتد. وكان أبو رافع يسمر عنده، وكان في علالي له. فتعشوا عنده وتحد ثوا حتى ذهبت ساعة من الليل ثم رجعوا إلى بيوتهم. وفي رواية فلما ذهب عنه أهل سمره وهد أت الأصوات فلا أسمع حركة خرجت وقمت إلى الأقاليد ففتحت باب الحصن. وقلت إن نذر بي القوم انطلقت على مهل ثم عمدت إلى أبواب بيوتهم فأقفلتها من ظاهر. ثم صعدت ا لي أبي رافع فجعلت كلما فتحت بابا أغلقته علي من داخل.
قلت: ان القوم نذروا بي لم يخلصوا إلي حتى أقتله. فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم قد طفئ سراجه (وهو) في وسط عياله لا أدري أين هو من البيت. فقلت: يا أ أبا رافع فقال: من هذا؟ فعمدت - وفي لفظ - فأجويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش - أو قال: داهش فلم تغن شيئا، وصاح فخرجت من البيت فما مكثت غير بعيد ثم جئت فقلت: مالك يا أبا رافع؟ وغيرت صوتي. فقال: (ألا أعجبك؟ لامك الويل، دخل علي رجل فضربني بالسيف).
قال ابن عتيك: فعمدت له أيضا فأضربه أخرى فلم تغن شيئا، فصاح وقام أهله. ثم جئت وغيرت صوتي كهيئة المغيث فإذا هو مستلق على ظهره فأضع ظبة السيف في بطنه ثم انكفئ عليها حتى سمعت صوت العظم فعرفت اني قتلته، ثم خرجت دهشا فجعلت أفتح الأبواب بابا بابا حتى انتهيت إلى درجة له. وفي لفظ: حتى أتيت السلم أريد ان أنزل.
فوضعت رجلي وأنا أرى اني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي - وفي رواية فانخلعت رجلي - فعصبتها بعمامة ثم أتيت أصحابي احجل فقلت: (النجاء فقد قتل الله أبا رافع). وفي رواية: فقلت لهم: انطلقوا فبشروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاني لا أبرح حتى أسمع الناعية فجلست على الباب حتى صاح الديك. وفي لفظ: فلما كان وجه الصبح صعد الناعية على السور فقال: أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز. فقمت أمشي ما بي قلبة، فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فبشرته. وفي رواية فحدثته فقال لي: (ابسط رجلك) فبسطت