المشركين) * [التوبة 5] فالحرم هنا هي أشهر التسيير، أولها يوم الاذان وهو العاشر من ذي الحجة، وهو يوم الحج الأكبر الذي وقع فيه التأذين بذلك، وآخرها العاشر من ربيع الاخر وليست هي الأربعة المذكورة في قوله تعالى: * (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم) * [التوبة 36] فإن تلك واحد فرد وثلاثة سرد: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم. ولم يسير المشركين في هذه الأربعة، فإن هذا لا يمكن، لأنها غير متوالية وإنما هو أجلهم أربعة أشهر. ثم أمره بعد انسلاخها أن يقاتلهم، فقاتل الناقض لعهده، وأجل من لاعهد له - أو له عهد مطلق - أربعة أشهر، وأمره أن يتم للموفي بعهده عهده إلى مدته، فأسلم هؤلاء كلهم ولم يقيموا على كفرهم إلى مدتهم.
وضرب على أهل الذمة الجزية، فاستقر أمر الكفار معه بعد نزول براءة على ثلاثة أقسام:
محاربين له، وأهل عهد، وأهل ذمة، ثم آلت حال أهل العهد والصلح إلى الاسلام، فصار الكفار قسمين: أهل ذمة آمنون وأهل حرب وهم خائفون منه، وصار. هل الأرض معه ثلاثة أقسام: مسلم مؤمن به، ومسالم له آمن، وخائف محارب. وأمر في المنافقين أن يقبل منهم علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله تبارك وتعالى، وأن يجاهدوهم بالعلم والحجة، وأمره أن يعرض عنهم، ويغلظ عليهم، وأن يبلغ بالقول البليغ إلى نفوسهم، ونهي أن يصلي عليهم وأن يقوم على قبورهم، وأخبر أنه إن استغفر لهم أو لم يستغفر لهم فلن يغفر الله لهم.
تنبيه: قال بعض الملحدين: إنما بعث صلى الله عليه وسلم بالسيف والقتل، والجواب: أنه صلى الله عليه وسلم بعث أولا بالبراهين والمعجزات، فأقام يدعو الناس أكثر من عشر سنين فلم يقبلوا ذلك، وأصروا على الكفر والتكذيب، فأمر بالقتال وهو عوض العذاب الذي عذب الله تعالى به الأمم السابقة لما كذبت رسلهم.