نخرج من بلادنا إذا كانت أموالنا بأيدينا إنا إنما شرفنا على قومنا بأموالنا وفعالنا، فإذا ذهبت أموالنا من أيدينا كنا كغيرنا من اليهود في الذلة والاعدام وإن محمدا إن سار إلينا فحاصرنا في هذه الصياصي يوما واحدا، ثم عرضنا عليه ما أرسل به إلينا لم يقبله، وأبى علينا ".
قال حيي بن أخطب: " إن محمدا لا يحصرنا إلا إن أصاب منا نهزة، وإلا انصرف، وقد وعدني ابن أبي ما قد رأيت ".
قال سلام: " ليس قول ابن أبي بشئ، إنما يريد ابن أبي أن يورطك في الهلكة حتى تحارب محمدا، ثم يجلس في بيته ويتركك، قد أراد من كعب بن أسد النصر وأبى كعب، وقال: لا ينقض هذا العهد رجل من بني قريظة وأنا حي، وإلا فابن أبي قد وعد خلفاءه من بني قينقاع مثل ما وعدك حتى حاربوا ونقضوا العهد، وحصروا أنفسهم في صياصيهم، وانتظروا نصر ابن أبي، فجلس في بيته، وسار إليهم محمد فحصرهم، حتى نزلوا على حكمه، فابن أبي لا ينصر حلفاءه، ونحن لم نزل نضربه بسيوفنا مع الأوس في حروبهم كلها، إلى أن انقطعت حروبهم، وقدم محمد فحجز بينهم. وابن أبي لا هو على دين يهود، ولا هو على دين محمد، ولا هو على دين قومه، فكيف تقبل منه قوله؟ قال حيي: " تأبى نفسي إلا عداوة محمد وإلا قتاله ". قال سلام: " فهو والله جلاؤنا من أرضنا، وذهاب أموالنا وشرفنا، وسبي ذرارينا، مع قتل مقاتلتنا " فأبى حيي إلا محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال له ساموك - بالكاف - ابن أبي الحقيق - بحاء مهملة مضمومة فقاف مفتوحة فتحتية ساكنة ثم قاف أخرى - وكان ساموك ضعيفا عندهم في عقله، كانت به جنة: " يا حيي أنت رجل مشؤوم، تهلك بني النضير "، فغضب حيي وقال: كل بني النضير قد كلمني حتى هذا المجنون، فضربه إخوته، وقالوا لحيي: أمرنا لأمرك تبع، لن نخالفك.
فأرسل حيي أخاه جدي - بضم الجيم وفتح الدال المهملة وتشديد التحتية - ابن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: إنا لا نبرح من ديارنا وأموالنا، فاصنع ما أنت صانع. وأمره أن يأتي ابن أبي فيخبره برسالته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأمره أن يتعجل ما وعد من النصر.
فذهب جدي بن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي أرسله حيي، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس بين أصحابه فأخبره، فأظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير، وكبر المسلمون لتكبيره، وقال: حاربت يهود.
وخرج جدي حتى دخل على ابن أبي وهو جالس في بيته، ومعه نفر من حلفائه، وقد نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالمسير إلى بني النضير، فدخل عبد الله بن عبد الله بن