وهذا التقييد جيد بأنها آخر صلاة صلاها مع الناس، صلوات الله وسلامه عليه.
وقد ذكر البيهقي من طريق سليمان بن بلال ويحيى بن أيوب، عن حميد، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبى بكر في ثوب واحد مخالفا بين طرفيه، فلما أراد أن يقوم قال: ادع لي أسامة بن زيد. فجاء فأسند ظهره إلى نحره، فكانت آخر صلاة صلاها.
قال البيهقي: ففي هذا دلالة أن هذه الصلاة كانت صلاة الصبح من يوم الاثنين يوم الوفاة لأنها آخر صلاة صلاها، لما ثبت أنه توفى ضحى يوم الاثنين.
وهذا الذي قاله البيهقي أخذه مسلما من مغازي موسى بن عقبة، فإنه كذلك ذكر وكذا روى أبو الأسود عن عروة.
وذلك ضعيف، بل هذه آخر صلاة صلاها مع القوم، كما تقدم تقييده في الرواية الأخرى، والحديث واحد، فيحمل مطلقه على مقيده.
ثم لا يجوز أن تكون هذه صلاة الصبح من يوم الاثنين يوم الوفاة، لان تلك لم يصلها مع الجماعة بل في بيته لما به من الضعف صلوات الله وسلامه عليه.
والدليل على ذلك ما قال البخاري في صحيحه: حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، عن الزهري، أخبرني أنس بن مالك، وكان تبع النبي صلى الله عليه وسلم وخدمه وصحبه، أن أبا بكر كان يصلى لهم في وجع النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفى فيه، حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة فكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف (1) [ثم (2)] تبسم يضحك، فهممنا أن نفتتن من الفرج برؤية النبي صلى الله عليه وسلم، ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف.