وقد خطب عليه الصلاة والسلام في يوم الخميس قبل أن يقبض عليه السلام بخمسة أيام خطبة عظيمة بين فيها فضل الصديق من بين سائر الصحابة، مع ما كان قد نص عليه أن يؤم الصحابة أجمعين. كما سيأتي بيانه مع حضورهم كلهم.
ولعل خطبته هذه كانت عوضا عما أراد أن يكتبه في الكتاب.
وقد اغتسل عليه السلام بين يدي هذه الخطبة الكريمة فصبوا عليه من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن، وهذا من باب الاستشفاء بالسبع، كما وردت بها الأحاديث في غير هذا الموضع.
والمقصود أنه عليه السلام اغتسل ثم خرج فصلى بالناس ثم خطبهم. كما تقدم في حديث عائشة رضي الله عنها.
ذكر الأحاديث الواردة في ذلك قال البيهقي: أنبأنا الحاكم، أنبأنا الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن أيوب بن بشير، أن رسول الله قال في مرضه: أفيضوا على من سبع قرب من سبع آبار شتى حتى أخرج فأعهد إلى الناس.
ففعلوا، فخرج فجلس على المنبر، فكان أول ما ذكر بعد حمد الله والثناء عليه ذكر أصحاب أحد، فاستغفر لهم ودعا لهم، ثم قال: يا معشر المهاجرين إنكم أصبحتم تزيدون والأنصار على هيئتها لا تزيد، وإنهم عيبتي التي أويت إليها، فأكرموا كريمهم وتجاوزوا عن مسيئهم.
ثم قال عليه السلام: أيها الناس إن عبدا من عباد الله قد خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله.
ففهمها أبو بكر رضي الله عنه من بين الناس فبكى وقال: بل نحن نفديك بأنفسنا