سنة إحدى عشرة من الهجرة استهلت هذه السنة وقد استقر الركاب الشريف النبوي بالمدينة النبوية المطهرة، مرجعه من حجة الوداع.
وقد وقعت في هذه السنة أمور عظام، من أعظمها خطبا وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه عليه السلام نقله الله عز وجل من هذه الدار الفانية إلى النعيم الأبدي في محلة عالية رفيعة ودرجة في الجنة لا أعلى منها ولا أسنى كما قال تعالى: " وللآخرة خير لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى ".
وذلك بعد ما أكمل أداء الرسالة التي أمره الله تعالى بإبلاغها، ونصح أمته ودلهم على خير ما يعلمه لهم، وحذرهم ونهاهم عما فيه مضرة عليهم في دنياهم وأخراهم، وقد قدمنا ما رواه صاحبا الصحيح من حديث عمر بن الخطاب أنه قال: نزل قوله تعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة.
وروينا من طريق جيد: أن عمر بن الخطاب حين نزلت هذه الآية بكى، فقيل:
ما يبكيك؟ فقال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان. وكأنه استشعر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أشار عليه السلام إلى ذلك فيما رواه مسلم من حديث ابن جريج، عن أبي الزبير عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عند جمرة العقبة وقال لنا: " خذوا عنى مناسككم، فلعلي لا أحج بعد عامي هذا ".
وقدمنا ما رواه الحافظان أبو بكر البزار والبيهقي من حديث موسى بن عبيدة