ومكثوا أياما ثم قدم عليهم رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أمر عليهم خالد بن الوليد، وفيهم المغيرة بن شعبة، فعمدوا إلى اللات وقد استكفت ثقيف رجالها ونساؤها والصبيان، حتى خرج العواتق من الحجال، ولا يرى عامة ثقيف أنها مهدومة ويظنون أنها ممتنعة.
فقام المغيرة بن شعبة فأخذ الكرزين - يعنى المعول - وقال لأصحابه: والله لأضحكنكم من ثقيف. فضرب بالكرزين ثم سقط يركض برجله، فارتج أهل الطائف بصيحة واحدة وفرحوا وقالوا: أبعد الله المغيرة قتلته الربة! وقالوا لأولئك:
من شاء منكم فليقترب.
فقام المغيرة فقال: والله يا معشر ثقيف إنما هي لكاع حجارة ومدر، فاقبلوا عافية الله واعبدوه. ثم إنه ضرب الباب فكسره. ثم علا سورها وعلا الرجال معه، فما زالوا يهدمونها حجرا حجرا حتى سووها بالأرض.
وجعل سادنها يقول: ليغضبن الأساس فليخسفن بهم. فلما سمع ذلك المغيرة قال لخالد:
دعني أحفر أساسها. فحفروه حتى أخرجوا ترابها وجمعوا ماءها وبناءها.
وبهتت عند ذلك ثقيف.
ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسم أموالها من يومه، وحمدوا الله تعالى على إعزاز دينه ونصرة رسوله.
* * * قال ابن إسحاق: وكان كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتب لهم:
" بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد النبي رسول الله إلى المؤمنين. إن عضاه وج (1) وصيده لا يعضد، من وجد يفعل شيئا من ذلك فإنه يجلد وتنزع ثيابه، وإن تعدى ذلك فإنه يؤخذ