كتاب حجة الوداع في سنة عشر ويقال لها حجة البلاغ، وحجة الاسلام، وحجة الوداع لأنه عليه الصلاة والسلام ودع الناس فيها ولم يحج بعدها. وسميت حجة الاسلام لأنه عليه السلام لم يحج من المدينة غيرها، ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها.
وقد قيل إن فريضة الحج نزلت عامئذ، وقيل سنة تسع. وقيل سنة ست. وقيل قبل الهجرة وهو غريب.
وسميت حجة البلاغ لأنه عليه السلام بلغ الناس شرع الله في الحج قولا وفعلا، ولم يكن بقى من دعائم الاسلام وقواعده شئ إلا وقد بينه عليه السلام، فلما بين لهم شريعة الحج ووضحه وشرحه أنزل الله عز وجل عليه وهو واقف بعرفة: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " (1).
وسيأتي إيضاح هذا كله.
والمقصود ذكر حجته عليه السلام كيف كانت، فإن النقلة اختلفوا فيها اختلافا كثيرا جدا، بحسب ما وصل إلى كل منهم من العلم، وتفاوتوا في ذلك تفاوتا كثيرا لا سيما من بعد الصحابة رضي الله عنهم.
ونحن نورد بحمد الله وعونه وحسن توفيقه ما ذكره الأئمة في كتبهم من هذه الروايات، ونجمع بينها جمعا يثلج قلب من تأمله وأنعم النظر فيه وجمع بين طريقتي الحديث وفهم معانيه إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان.