الربذي، عن صدقة بن يسار، عن ابن عمر، قال: نزلت هذه السورة: " إذا جاء نصر الله والفتح " في أوسط أيام التشريق، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه الوداع، فأمر براحلته القصواء فرحلت. ثم ذكر خطبته في ذلك اليوم كما تقدم.
وهكذا قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لعمر بن الخطاب حين سأله عن تفسير هذه السورة بمحضر كثير من الصحابة، ليريهم فضل ابن عباس وتقدمه وعلمه، حين لامه بعضهم على تقديمه وإجلاسه له مع مشايخ بدر، فقال: إنه من حيث تعلمون. ثم سألهم وابن عباس حاضر عن تفسير هذه السورة: " إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا. فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " فقالوا:
أمرنا إذا فتح لنا أن نذكر الله ونحمده ونستغفره.
فقال: ما تقول يا بن عباس؟ فقال هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى إليه.
فقال عمر: لا أعلم منها إلا ما تعلم.
وقد ذكرنا في تفسير هذه السورة ما يدل على قول ابن عباس من وجوه، وإن كان لا ينافي ما فسر به الصحابة رضي الله عنهم.
وكذلك ما رواه الإمام أحمد، حدثنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حج بنسائه قال: " إنما هي هذه الحجة ثم الزمن ظهور الحصر ".
تفرد به أحمد من هذا الوجه. وقد رواه أبو داود في سننه من وجه آخر جيد.
* * * والمقصود أن النفوس استشعرت بوفاته عليه السلام في هذه السنة.
ونحن نذكر ذلك ونورد ما روى فيما يتعلق به من الأحاديث والآثار.
وبالله المستعان.