ثم قال البخاري: حدثنا على بن عبد الله، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى البيت رجال فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا. فقال بعضهم: إن رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله.
فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده. ومنهم من يقول غير ذلك. فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا.
قال عبيد الله: قال ابن عباس: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم.
ورواه مسلم عن محمد بن رافع، وعبد بن حميد، كلاهما عن عبد الرزاق بنحوه. وقد أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه من حديث معمر ويونس عن الزهري به.
* * * وهذا الحديث مما قد توهم به بعض الأغبياء من أهل البدع من الشيعة وغيرهم، كل مدع أنه كان يريد أن يكتب في ذلك الكتاب ما يرمون إليه من مقالاتهم، وهذا هو التمسك بالمتشابه وترك المحكم.
وأهل السنة يأخذون بالمحكم ويردون ما تشابه إليه، وهذه طريقة الراسخين في العلم كما وصفهم الله عز وجل في كتابه.
وهذا الموضع مما زل فيه أقدام كثير من أهل الضلالات، وأما أهل السنة فليس لهم مذهب إلا اتباع الحق يدورون معه كيفما دار.
وهذا الذي كان يريد عليه الصلاة والسلام أن يكتبه قد جاء في الأحاديث الصحيحة التصريح بكشف المراد منه.