وبعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بهدية.
فلما دخلا على النجاشي سجدا له ثم ابتدراه عن يمينه وعن شماله، ثم قالا له: إن نفرا من بني عمنا نزلوا أرضك ورغبوا عنا عن ملتنا.
قال: فأين هم؟ قالا: في أرضك فابعث إليهم.
فبعث إليهم، فقال جعفر: أنا خطيبكم اليوم. فاتبعوه.
فسلم ولم يسجد، فقالوا له: ما لك لا تسجد للملك؟
قال: إنا لا نسجد إلا لله عز وجل.
قال: وما ذاك؟
قال: إن الله بعث إلينا رسولا، ثم أمرنا ألا نسجد لاحد إلا لله عز وجل، وأمرنا بالصلاة والزكاة.
قال عمرو: فإنهم يخالفونك في عيسى بن مريم.
قال: فما تقولون في عيسى بن مريم وأمه.
قال: نقول كما قال الله: هو كلمته وروحه ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسها بشر ولم يفرضها ولد (1).
قال: فرفع عودا من الأرض ثم قال: يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان، والله ما يزيدون على الذي نقول (2) فيه ما سوى (3) هذا، مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده، أشهد أنه رسول الله وأنه الذي نجد في الإنجيل، وأنه الرسول الذي بشر به عيسى بن مريم، انزلوا حيث شئتم، والله لولا ما أنا فيه من الملك لاتيته حتى أكون أنا الذي أحمل نعليه (4)!