تفرد به البخاري من هذا الوجه.
وقد روى من غير هذا الوجه من حديث ثابت وقتادة عن أنس، وأن حارثة كان في النظارة وفيه: " إن ابنك أصاب الفردوس الاعلى ".
وفى هذا تنبيه عظيم على فضل أهل بدر، فإن هذا الذي لم يكن في بحبوحة القتال (1) ولا في حومة الوغى، بل كان من النظارة من بعيد، وإنما أصابه سهم غرب وهو يشرب من الحوض، ومع هذا أصاب بهذا الموقف الفردوس التي هي أعلى الجنان وأوسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة التي أمر الشارع أمته إذا سألوا الله الجنة أن يسألوه إياها.
فإذا كان هذا حال هذا، فما ظنك بمن كان واقفا في نحر العدو، وعدوهم على ثلاثة أضعافهم عددا وعددا؟!
ثم روى البخاري ومسلم جميعا عن إسحاق بن راهويه، عن عبد الله بن إدريس، عن حصين بن عبد الرحمن، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب قصة حاطب بن أبي بلتعة وبعثه الكتاب إلى أهل مكة عام الفتح، وأن عمر استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضرب عنقه فإنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ".
ولفظ البخاري: " أليس من أهل بدر؟ ولعل الله أطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو قد غفرت لكم ".
فدمعت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم.