فارتكسوا وعادوا بشر ما كانوا عليه من كفرهم والشدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والقيام على رهطه بما تعاهدوا عليه.
فقال أولئك النفر من بني عبد المطلب: إن أولى بالكذب والسحر غيرنا، فكيف ترون، فإنا نعلم أن الذي اجتمعتم عليه من قطيعتنا أقرب إلى الجبت والسحر من أمرنا، ولولا أنكم اجتمعتم على السحر لم تفسد صحيفتكم وهي في أيديكم، طمس ما كان فيها من اسمه وما كان فيها من بغى تركه، أفنحن السحرة أم أنتم.
* * * فقال عند ذلك النفر من بني عبد مناف وبني قصي ورجال من قريش ولدتهم نساء من بني هاشم، منهم أبو البختري، والمطعم بن عدي، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة، وزمعة ابن الأسود وهشام بن عمرو، وكانت الصحيفة عنده وهو من بني عامر بن لؤي، في رجال من أشرافهم ووجوههم: نحن براء مما في هذه الصحيفة.
فقال أبو جهل لعنه الله: هذا أمر قضى بليل.
وأنشأ أبو طالب يقول الشعر في شأن صحيفتهم ويمدح النفر الذين تبرأوا منها ونقضوا ما كان فيها من عهد ويمتدح النجاشي.
* * * قال البيهقي: وهكذا روى شيخنا أبو عبد الله الحافظ، يعنى من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، يعنى كسياق موسى بن عقبة رحمه الله.
وقد تقدم عن موسى بن عقبة أنه قال: إنما كانت هجرة الحبشة بعد دخولهم إلى الشعب، عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم في ذلك. فالله أعلم.
قلت: والأشبه أن أبا طالب إنما قال قصيدته اللامية التي قدمنا ذكرها بعد دخولهم الشعب أيضا، فذكرها ههنا أنسب. والله أعلم.