فقال: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني ".
وقد رواه الإمام أحمد عن ابن أبي عدى، عن حميد، عن أنس. فذكر نحوه. وهذا على شرط الشيخين.
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
يا أهل القليب بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربى حقا ".
قلت: وهذا مما كانت عائشة رضي الله عنها تتأوله من الأحاديث، كما قد جمع ما كانت تتأوله من الأحاديث في جزء، وتعتقد أنه معارض لبعض الآيات.
وهذا المقام مما كانت تعارض فيه قوله: " وما أنت بمسمع من في القبور " وليس هو بمعارض له، والصواب قول الجمهور من الصحابة ومن بعدهم، للأحاديث الدالة نصا على خلاف ما ذهبت إليه رضي الله عنها وأرضاها.
وقال البخاري: حدثنا عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: ذكر عند عائشة أن ابن عمر رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله. فقالت: رحمه الله! إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنه ليعذب بخطيئته وذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن ".
قالت: وذاك مثل قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين، فقال لهم ما قال، قال: إنهم ليسمعون ما أقول. وإنما قال: " إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق " ثم قرأت: " إنك لا تسمع الموتى " و " ما أنت بمسمع من في القبور " تقول: حين تبوأوا مقاعدهم من النار.
وقد رواه مسلم عن أبي كريب عن أبي أسامة به.