لأنه كان أكف القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة. كان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شئ يكرهه، وكان ممن قام في نقض الصحيفة، فلقيه المجذر بن ذياد البلوى حليف الأنصار فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن قتلك. ومع أبى البختري زميل له خرج معه من مكة، وهو جنادة بن مليحة وهو من بني ليث. قال:
وزميلي؟ فقال له المجذر: لا والله ما نحن بتاركي زميلك، ما أمرنا رسول الله إلا بك وحدك، قال: لا والله إذا لأموتن أنا وهو جميعا، لا يتحدث عنى نساء قريش بمكة أنى تركت زميلي حرصا على الحياة!
وقال أبو البختري وهو ينازل المجذر:
لن يترك (1) ابن حرة زميله * حتى يموت أو يرى سبيله قال: فاقتتلا فقتله المجذر بن ذياد. وقال في ذلك:
إما جهلت أو نسيت نسبي * فأثبت النسبة إني من بلي الطاعنين برماح اليزني * والطاعنين (2) الكبش حتى ينحني بشر بيتم من أبوه البختري * أو بشرن بمثلها منى بني أنا الذي يقال أصلى من بلى * أطعن بالصعدة (3) حتى تنثني وأعبط القرن بعضب مشرفي * أرزم للموت كإرزام المري (4) فلا ترى مجذرا يفرى فرى (5) ثم أتى المجذر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستأسر فأتيك به فأبى إلا أن يقاتلني، فقاتلته فقتلته.