فلما كان العشى هاجت سحابة من سحائب الخريف، فخرج عمه يتمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتله.
ففزعوا إلى ولده، فإذا هم محمقون ليس في أحد منهم خير. فمرج (1) على الحبشة أمرهم.
فقال بعضهم لبعض: تعلمون والله إن ملككم الذي لا يصلح أمركم غيره للذي بعتم الغداة، فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه قبل أن يذهب.
فخرجوا في طلبه، فأدركوه فردوه، فعقدوا عليه تاجه وأجلسوه على سريره وملكوه.
فقال التاجر: ردوا علي مالي كما أخذتم مني غلامي. فقالوا: لا نعطيك. فقال: إذا والله لأكلمنه.
فمشى إليه فكلمه فقال: أيها الملك، إني ابتعت غلاما فقبض منى الذين باعوه ثمنه، ثم عدوا على غلامي فنزعوه من يدي ولم يردوا علي مالي.
فكان أول ما خبر من صلابة حكمه وعدله أن قال: لتردن عليه ماله أو لتجعلن يد غلامه في يده فليذهبن به حيث شاء.
فقالوا: بل نعطيه ماله. فأعطوه إياه.
فلذلك يقول: ما أخذ الله منى الرشوة فآخذ الرشوة حين رد على ملكي، وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه.
* * * وقال موسى بن عقبة: كان أبو النجاشي ملك الحبشة، فمات والنجاشي غلام صغير، فأوصى إلى أخيه أن إليك ملك قومك حتى يبلغ ابني، فإذا بلغ فله الملك.