يمشى ساعة بين يديه وساعة خلفه. حتى فطن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا أبا بكر ما لك تمشى ساعة خلفي وساعة بين يدي؟ فقال: يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك. فقال: يا أبا بكر لو كان شئ لأحببت أن يكون بك دوني؟ قال: نعم والذي بعثك بالحق.
فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار، فدخل فاستبرأه، حتى إذا كان ذكر أنه لم يستبرئ الجحرة فقال: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ. فدخل فاستبرأ ثم قال: انزل يا رسول الله. فنزل.
ثم قال عمر: والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر.
وقد رواه البيهقي من وجه آخر عن عمر وفيه: أن أبا بكر جعل يمشى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تارة وخلفه أخرى، وعن يمينه وعن شماله. وفيه أنه لما حفيت رجلا رسول الله صلى الله عليه وسلم حمله الصديق على كاهله، وأنه لما دخل الغار سدد تلك الأجحرة كلها وبقي منها جحر واحد، فألقمه كعبه، فجعلت الأفاعي تنهشه ودموعه تسيل. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تحزن إن الله معنا ".
وفى هذا السياق غرابة ونكارة.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو. قالا: حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا عباس الدوري، حدثنا أسود بن عامر شاذان، حدثنا إسرائيل، عن الأسود، عن جندب بن عبد الله، قال: كان أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار، فأصاب يده حجر فقال:
إن أنت إلا إصبع دميت * وفى سبيل الله ما لقيت