وكان الأنسب بنا أن نذكر وفاة أبى طالب وخديجة قبل الاسراء، كما ذكره البيهقي وغير واحد، ولكن أخرنا ذلك عن الاسراء لمقصد ستطلع عليه بعد ذلك، فإن الكلام به ينتظم ويتسق الباب. كما تقف على ذلك إن شاء الله.
وقال البخاري: حدثنا قتيبة، حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة. قال: أتى جبرائيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام، أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومنى، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
وقد رواه مسلم من حديث محمد بن فضيل به.
وقال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن إسماعيل، قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: بشر النبي صلى الله عليه وسلم خديجة؟ قال: نعم، ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
ورواه البخاري أيضا ومسلم من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد به.
قال السهيلي: وإنما بشرها " ببيت في الجنة من قصب "، يعنى قصب اللؤلؤ، لأنها حازت قصب السبق إلى الايمان " لا صخب فيه ولا نصب " لأنها لم ترفع صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم ولم تتعبه يوما من الدهر، فلم تصخب عليه يوما ولا آذته أبدا.
وأخرجاه في الصحيحين، من حديث هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة - وهلكت قبل أن يتزوجني - لما كنت أسمعه يذكرها.