الليل كله صلاه وقراءة للقرآن دعاءا واجتهادا ويصوم النهار في أكثر الأيام ولا يصرف وجهه عن المحراب فوسع عليه الفضل بن يحيى وأكرمه فاتصل ذلك بالرشيد وهو في الرقة فكتب إليه ينكر عليه توسيعه علي موسى عليه السلام ويأمره بقتله فتوقف عن ذلك ولم يقدم عليه.
فاغتاظ الرشيد لذلك ودعا مسرور الخادم فقال له اخرج على البريد في هذا الوقت إلى بغداد وادخل من فورك على موسى بن جعفر فان وجدته في دعه ورفاهية فأوصل هذا الكتاب إلى العباس بن محمد ومره بامتثال ما فيه وسلم إليه كتابا آخر إلى السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس بن محمد فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيى لا يدري أحد ما يريد ثم دخل على موسى بن جعفر فوجده على ما بلغ الرشيد فمضى من فوره إلى العباس بن محمد والسندي بن شاهك فأوصل الكتابين إليهما فلم يلبث الناس ان خرج الرسول يركض إلى الفضل بيحيى فركب معه وخرج مشدوها دهشا حتى دخل على العباس فدعا العباس بسياط وعقابين وامر بالفضل فجرد وضربه السندي بين يديه ماه سوط وخرج متغير اللون خلاف ما دخل وجعل يسلم على الناس يمينا وشمالا.
وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد فامر بتسليم موسى عليه السلام إلى السندي بن شاهك وجلس الرشيد مجلسا حافلا وقال أيها الناس ان الفضل بن يحيى قد عصاني وخالف طاعتي ورأيت أن العنه فالعنوه فلعنه الناس من كل ناحية حتى ارتج البيت والدار بلعنه وبلغ يحيى بن خالد الخبر فركب إلى الرشيد فدخل من غير الباب الذي يدخل الناس منه حتى جاءه من خلفه وهو لا يشعر ثم قال التفت يا أمير المؤمنين فأصغى إليه فزعا فقال له ان الفضل حدث وانا أكفيك ما تريد.