قال فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه ثم كررت راجعا إلى العراق فلما صرت في بعض الطريق خرج علينا الأكراد فأخذونا وكان ذلك اليوم يوما مطيرا فبقيت في قميص خلق وضر جديد وانا متأسف من جميع ما كان معي على القميص والمنشفة ومتفكر في قول سيدي الرضا إذ مر بي واحد من الأكراد الحرامية تحته الفرس الأصفر الذي حملني عليه ذو الرياستين و عليه الممطر ووقف بالقرب مني ليجتمع عليه أصحابه وهو ينشد مدارس آيات خلت من تلاوة ويبكي فلما رأيت ذلك منه عجبت من لص من الأكراد يتشيع ثم طمعت في القميص والمنشفة فقلت يا سيدي لمن هذه القصيدة فقال وما أنت وذاك ويلك فقلت لي فيه سبب أخبرك به فقال هي أشهر بصاحبها ان تجهل فقلت من هو قال دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه الله خيرا فقلت له والله يا سيدي انا دعبل وهذه قصيدتي فقال ويلك ما تقول قلت الامر أشهر من ذلك.
فأرسل إلى أهل القافلة فاستحضر منهم جماعة وسألهم عني فقالوا بأسرهم هذا دعبل بن علي بن الخزاعي فقال قد أطلقت كلما اخذ من القافلة خلاله فما فوقها كرامة لك ثم نادى في أصحابه من اخذ شيئا فليرده فرجع على الناس جميع ما اخذ منهم ورجع إلي جميع ما كان معي ثم بذرقنا إلى المأمن فحرست انا والقافلة ببركة القميص والمنشفة.
فانظر إلى هذه المنقبة ما أشرفها وما أعلاها وقد يقف على هذه القصة بعض الناس ممن يطالع هذا الكتاب ويقرؤه فتدعوه نفسه إلى معرفة هذه الأبيات المعروفة بمدارس آيات ويشتهي الوقوف عليها وينسبني في اعراضي عن ذكرها اما إلى انني لم أعرفها أو انني جهلت ميل النفوس حينئذ