وصنف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب هي معروفة بكتب الأصول رواها أصحابه وأصحاب أبيه وأصحاب ابنه موسى عليه السلام ولم يبق فن من فنون العلم الا روى عنه عليه السلام فيه أبواب وكذلك كانت حالة ابنه موسى من بعده في اظهار العلوم حتى حبسه الرشيد ومنعه من ذلك وقد انتشر للرضا عليه السلام وابنه أبي جعفر من ذلك ما شهره جملته تغني عن تفصيله وكذلك كانت سبيل أبي الحسن وأبي محمد العسكريين عليه السلام وانما كانت الرواية عنهما أقل لأنهما كانا محبوسين في عسكر السلطان ممنوعين من الانبساط في الفتيا وان يلقاهما كل أحد من الناس.
وإذا ثبت بما ذكرناه بينونة أئمتنا عليه السلام بما وصفناه عن جميع الأنام ولم يمكن أحدا ان يدعى انهم أخذوا العلم عن رجال العامة أو تلقنوه من رواتهم وفقهائهم لانهم لم يروا قط مختلفين إلى أحد من العلماء في تعلم شئ من العلوم ولان ما نقل عنهم من العلوم فان أكثره لا يعرف الا منهم ولم يظهر الا عنهم فعلمنا ان هذه العلوم بأسرها قد انتشرت عنهم مع غناهم عن ساير الناس وتيقنا زيادتهم في ذلك على كافتهم ونقصان جميع العلماء عن رتبتهم فثبت انهم أخذوها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة وانه أفردهم بها ليدل على إمامتهم وافتقار الناس إليهم فيما يحتاجون إليه وغناهم عنهم ليكونوا مفزعا لامته في الدين وملجأ لهم في الاحكام وجروا في هذا التخصيص مجرى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تخصيص الله سبحانه له باعلامه أحوال الأمم السالفة وافهام ما في الكتب المتقدمة من غير أن يقرء كتابا أو يلقى أحدا من أهله.
هذا وقد ثبت في العقول ان الأعلم الأفضل أولى بالإمامة من المفضول وقد بين الله ذلك في كتابه بقوله أفمن يهدي إلى الحق أحق ان يتبع امن