أو مدين من شعير. قال: فنخرجها ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرتنا فيستسقى الله لنا. فوالله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ونسقي، قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث. قال: ثم حضرته الوفاة عندنا، فلما عرف أنه ميت قال:
يا معشر يهود، ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قال: قلنا: إنك أعلم (1)، قال: فإني إنما قدمت هذه البلدة أتوكف خروج نبي قد أظل زمانه، وهذه البلدة مهاجره، فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه، وقد أظلكم زمانه، فلا تسبقن إليه يا معشر يهود، فإنه يبعث بسفك الدماء وسبى الذراري والنساء ممن خالفه، فلا يمنعنكم ذلك منه، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصر بني قريظة، قال هؤلاء الفتية، وكانوا شبابا أحداثا: يا بني قريظة، والله إنه للنبي الذي كان عهد إليكم فيه ابن الهيبان، قالوا: ليس به، قالوا: بلى والله، إنه لهو بصفته، فنزلوا وأسلموا وأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم.
قال ابن إسحاق: فهذا ما بلغنا عن أحبار اليهود.
حديث إسلام سلمان رضي الله عنه قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن محمود ابن لبيد عن عبد الله بن عباس، قال: حدثني سلمان الفارسي، وأنا أسمع من فيه قال: كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من قرية يقال لها جي، وكان أبى دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، لم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها، لا يتركها تخبو ساعة. قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة، فشغل في بنيان له يوما، فقال لي: يا بنى، إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب إليها فاطلعها. وأمرني فيها ببعض ما يريد، ثم قال لي: ولا تحتبس .