العسر الذي حملتني حملا شديدا، وفى كتاب الله تعالى: {فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا - 80 من سورة الكهف} وقوله: {ولا ترهقني من أمرى عسرا - 73 من سورة الكهف}.
قال ابن إسحاق: وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث: أن أول العرب فزع للرمي بالنجوم حين رمى بها، هذا الحي من ثقيف، وأنهم جاءوا إلى الرجل منهم يقال له عمرو بن أمية، أحد بنى علاج - قال: وكان أدهى العرب وأنكرها رأيا - فقالوا له: يا عمرو، ألم تر ما حدث في السماء من القذف بهذه النجوم؟ قال: بلى، فانظروا فإن كانت معالم النجوم التي يهتدى بها في البر والبحر، وتعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء، لما يصلح الناس في معايشهم، هي التي يرمى بها، فهو والله طي الدنيا، وهلاك هذا الخلق الذي فيها، وإن كانت نجوما غيرها، وهي ثابتة على حالها، فهذا لأمر أراد الله به هذا الخلق، فما هو؟
قال ابن إسحاق: وذكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن عبد الله بن العباس عن نفر من الأنصار:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: ماذا كنتم تقولون في هذا النجم الذي يرمى به؟ قالوا: يا نبي الله، كنا نقول حين رأيناها يرمى بها: مات ملك، ملك ملك، ولد مولود، مات مولود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ليس ذلك كذلك، ولكن الله تبارك وتعالى كان إذا قضى في خلقه أمرا سمعه حملة العرش، فسبحوا فسبح من تحتهم، فسبح لتسبيحهم من تحت ذلك، فلا يزال التسبيح يهبط حتى ينتهى إلى السماء الدنيا فيسبحوا، ثم يقول بعضهم لبعض: مم سبحتم؟ فيقولون: سبح من فوقنا فسبحنا لتسبيحهم، فيقولون:
ألا تسألون من فوقكم مم سبحوا؟ فيقولون مثل ذلك، حتى ينتهوا إلى حملة العرش، فيقال لهم: مم سبحتم؟ فيقولون: قضى الله في خلقه كذا وكذا، للامر الذي كان، فيهبط به الخبر من سماء إلى سماء حتى ينتهى إلى السماء الدنيا