فقلت في نفسي: هذه واحدة. قال: ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا، وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئته به فقلت له: إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذه هدية أكرمتك بها. قال: فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وأمر أصحابه فأكلوا معه. قال: فقلت في نفسي:
هاتان ثنتان، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد، قد تبع جنازة رجل من أصحابه، [و] على شملتان لي، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه، ثم استدرت أنظر إلى ظهره، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أنى أستثبت في شئ وصف لي، فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فأكببت عليه أقبله وأبكى، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحول، فتحولت فجلست بين يديه، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا بن عباس، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يسمع ذلك أصحابه. ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد.
قال سلمان: ثم قال لي رسول الله صلى الله وسلم: كاتب يا سلمان، فكاتبت صاحبي على ثلاث مئة نخلة أحييها له بالفقير، وأربعين أوقية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أعينوا أخاكم، فأعانوني بالنخل، الرجل بثلاثين ودية، والرجل بعشرين ودية، والرجل بخمس عشرة ودية، والرجل بعشر، يعين الرجل بقدر ما عنده، حتى اجتمعت لي ثلاث مئة ودية فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب يا سلمان ففقر لها، فإذا فرغت فأتني أكن أنا أضعها بيدي. قال: ففقرت وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت جئته فأخبرته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها، فجعلنا نقرب إليه الودي، ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، حتى فرغنا.
فوالذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة. قال: فأديت النخل