فقطعها قصي بيده وأعوانه، فسمته قريش مجمعا لما جمع من أمرها، وتيمنت بأمره، فما تنكح امرأة، ولا يتزوج رجل من قريش، وما يتشاورون في أمر نزل بهم، ولا يعقدون لواء الحرب قوم من غيرهم إلا في داره، يعقده لهم بعض ولده، وما تدرع جارية إذا بلغت أن تدرع من قريش إلا في داره، يشق عليها فيها درعها ثم تدرعه، ثم ينطلق بها إلى أهلها. فكان أمره في قومه من قريش في حياته، ومن بعد موته، كالدين المتبع لا يعمل بغيره. واتخذ لنفسه دار الندوة وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، ففيها كانت قريش تقضى أمورها.
قال ابن هشام: وقال الشاعر:
قصي لعمري كان يدعى مجمعا * به جمع الله القبائل من فهر قال ابن إسحاق: حدثني عبد الملك بن راشد عن أبيه قال: سمعت السائب ابن خباب صاحب المقصورة يحدث أنه سمع رجلا يحدث عمر بن الخطاب، وهو خليفة، حديث قصي بن كلاب، وما جمع من أمر قومه، وإخراجه خزاعة وبنى بكر من مكة، وولايته البيت وأمر مكة، فلم يرد ذلك عليه ولم ينكره.
قال ابن إسحاق: فلما فرغ قصي من حربه انصرف أخوه رزاخ بن ربيعة إلى بلاده بمن معه من قومه، وقال رزاخ في إجابته قصيا:
لما أتى من قصي رسول * فقال الرسول: أجيبوا الخليلا نهضنا إليه نقود الجياد * ونطرح عنا الملول الثقيلا نسير بها الليل حتى الصباح * ونكمى النهار لئلا نزولا فهن سراع كورد القطا * يجبن بنا من قصي رسولا جمعنا من السر من أشمذين * ومن كل حي جمعنا قبيلا فيا لك حلبة ما ليلة * تزيد على الألف سيبا رسيلا فلما مررن على عسجر * وأسهلن من مستناخ سبيلا وجاوزن بالركن من ورقان * وجاوزن بالعرج حيا حلولا