هلك مكانه، فيقال: إنها ما سميت ببكة إلا أنها كانت تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئا.
قال ابن هشام: أخبرني أبو عبيدة: أن بكة اسم لبطن مكة، لانهم يتباكون فيها، أي يزدحمون. وأنشدني:
إذا الشريب أخذته أكه * فخله حتى يبك بكه أي فدعه [حتى] يبك إبله، أي يخليها إلى الماء فتزدحم عليه. وهو موضع البيت والمسجد. وهذان البيتان لعامان بن كعب بن عمرو بن سعد بن زيد مناة بن تميم قال ابن إسحاق: فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن فدفنها في زمزم، وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن، فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزنا شديدا. فقال عمرو بن الحارث [بن عمرو] بن مضاض في ذلك، وليس بمضاض الأكبر:
[وقائلة والدمع سكب مبادر * وقد شرقت بالدمع منها المحاجر] كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا * أنيس، ولم يسمر بمكة سامر [فقلت لها والقلب منى كأنما * يلجلجه بين الجناحين طائر] بلى نحن كنا أهلها، فأزالنا * صروف الليالي والجدود العواثر وكنا ولاة البيت من بعد نابت * نطوف بذاك البيت والخير ظاهر ونحن ولينا البيت من بعد نابت * بعز فما يحظى لدينا المكاثر ملكنا فعززنا، فأعظم بملكنا فليس لحى غيرنا ثم فاخر ألم تنكحوا من خير شخص علمته * فأبناؤه منا ونحن الأصاهر فإن تنثن الدنيا علينا بحالها * فإن لها حالا وفيها التشاجر فأخرجنا منها المليك بقدرة * كذلك يا للناس تجرى المقادر أقول إذا نام الخلى ولم أنم * أذا العرش، لا يبعد سهيل وعامر وبدلت منها أوجها لا أحبها * قبائل منها حمير ويحابر