حديد ثقيل يكون معه في منزله، وكان ربما سخط على العبد أو الأمة من حشمه فيلوي العمود في عقنه، فلا يقدر أحد أن يحله عنه حتى يحله يحيى.
ظهر يحيى بالكوفة أيام المستعين العباسي، وكان سبب ظهوره على ما ذكره ابن الأثير من تاريخه في حوادث سنة 250: هو أنه نالته ضيقه ولزمه دين ضاق به ذرعا، فلقي عمر بن الفرج الرخمي، وهو يتولى أمر الطالبيين عند مقدمه من خراسان أيام المتوكل، فكلمه في صلته فأغلظ له عمر القول وحبسه، فلم يزل محبوسا حتى كفله أهله فأطلق، فسار إلى بغداد فأقام بها بحال سيئة، ثم رجع إلى سامراء فلقي وصيفا في رزق يجري له فأغلظ له وصيف وقال: لأي شيء يجري على مثلك.
فانصرف عنه إلى الكوفة وبها أيوب بن الحسن بن موسى بن جعفر بن سليمان الهاشمي عامل محمد بن عبد الله بن طاهر، فجمع أبو الحسين يحيى جمعا كثيرا من الأعراب وأهل الكوفة وأتى الفلوجة فكتب صاحب البريد بخبره إلى محمد بن عبد الله بن طاهر، فكتب محمد إلى أيوب وعبد الله بن محمود السرخسي عامله على معاون السواد يأمرهما بالاجتماع على محاربة يحيى بن عمر.
فمضى يحيى إلى بيت مال الكوفة يأخذ الذي فيه، وكان فيما قيل: ألفي دينار وسبعين ألف درهم، وأظهر أمره بالكوفة وفتح السجون وأخرج من فيها وأخرج العمال عنها، فلقيه عبد الله بن محمود السرخسي فيمن معه، فضربه يحيى بن عمر ضربة على وجهه أثخنه بها، فانهزم عبد الله وأخذ أصحاب يحيى ما كان معهم من الدواب والمال.
وخرج يحيى إلى سواد الكوفة وتبعه جماعة من الزيدية وجماعة من أهل تلك النواحي إلى ظهر واسط، وأقام بالبستان فكثر جمعه، فوجه محمد بن عبد الله إلى محاربته الحسين بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب في جمع من أهل النجدة والقوة، فسار إليه فنزل في وجهه لم يقدم عليه، فسار يحيى والحسين في أثره حتى نزل الكوفة، ولقيه عبد الرحمن بن الخطاب المعروف بوجه الفلس قبل دخولها، فقاتله وانهزم عبد الرحمن إلى ناحية شاهي، ووافاه الحسين فنزلا بشاهي.
واجتمعت الزيدية إلى يحيى بن عمر، ودعا بالكوفة إلى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، فاجتمع الناس إليه وأحبوه وتولاه العامة من أهل بغداد، ولا يعلم أنهم