والدواب وكتب ابن حمدان بالمسير إليهم من جهة الرحبة ليجتمع هو ومحمد على الايقاع بهم ففعل ذلك.
فلما أحس الكلبيون بإقبال الجيش إليهم وثبوا بنصر فقتلوه، قتله رجل منهم يقال له: الذئب بن القائم، وسار برأسه إلى المكتفي متقربا بذلك مستأمنا فأجيب إلى ذلك وأجيز بجائزة سنية، وأمر بالكف عن قومه، واقتتلت القرامطة بعد نصر حتى سالت بينهم الدماء، وسارت فرقة كرهت أمورهم إلى بني أسد بنواحي عين التمر واعتذروا إلى الخليفة فقبل عذرهم، وبقي على الماءين بقيتهم ممن له بصيرة في دينه، فكتب الخليفة إلى ابن حمدان يأمره بمعاودتهم واجتثاث أصلهم، فأرسل إليهم زكرويه بن مهرويه داعية له يسمى: القاسم بن أحمد، ويعرف بأبي محمد وأعلمهم أن فعل الذئب قد نفره منهم وأنهم قد ارتدوا عن الدين وأن وقت ظهورهم قد حضر، وقد بايع له من أهل الكوفة أربعون ألفا، وأن يوم موعدهم الذي ذكره الله في شأن موسى (ص) وعدوه فرعون إذ يقول: ﴿موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى﴾ (1) ويأمرهم أن يخفوا أمرهم وأن يسيروا حتى يصبحوا الكوفة يوم النحر سنة 293 فإنهم لا يمنعون منها، وأنه يظهر لهم وينجز لهم وعده الذي يعدهم إياه، وأن يحملوا إليه القاسم بن أحمد.
فامتثلوا رأيه ووافوا باب الكوفة وقد انصرف الناس عن مصلاهم، وعاملهم إسحق بن عمران ووصلوها في 800 فارس عليهم الدروع والجواشن والآلات الحسنة وقد ضربوا على القاسم بن أحمد قبة وقالوا: هذا أثر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودعوا : يا لثارات الحسين، يعنون الحسين بن زكرويه المصلوب ببغداد، وشعارهم: يا أحمد يا محمد، يعنون ابني زكرويه المقتولين، فأظهروا الأعلام البيض وأرادوا استمالة رعاع الناس بالكوفة بذلك، فلم يمل إليهم أحد، فأوقع القرامطة بمن لحقوه من أهل الكوفة وقتلوا نحوا من عشرين نفسا، وبادر الناس الكوفة وأخذوا السلاح، ونهض بهم إسحق ودخل مدينة الكوفة من القرامطة مائة فارس فقتل منهم عشرين نفسا، وأخرجوا عنها، وظهر إسحق وحاربهم إلى العصر، ثم انصرفوا نحو القادسية، وعاثوا بالبلاد الإسلامية وقطعوا طريق الحاج على المسلمين وقتلوا منهم