سرقت بجلولاء فقطعت يدك وعصيت أم المؤمنين، وتهاوى الناس وقام أبو موسى وقال: أيها الناس أطيعوني وكونوا جرثومة من جراثيم العرب، يأوي إليكم المظلوم ويأمن فيكم الخائف، إن الفتنة إذا أقبلت فقد شبهت فإذا أدبرت بنيت، وإن هذه الفتنة باقرة كداء البطن، تجري لها الشمال والجنوب والصبا والدبور تذر الحليم وهو حيران كابن أمس، شيموا سيوفكم وقصدوا رماحكم وقطعوا أوتاركم والزموا بيوتكم، خلوا قريشا إذا أبوا إلا الخروج من دار الهجرة وفراق أهل (العلم بالأمرة) (1)، استنصحوني ولا تستغشوني، أطيعوني يسلم لكم دينكم ودنياكم ويشقى بحر هذه الفتنة من جناها.
فقام زيد فشال يده المقطوعة فقال: يا عبد الله بن قيس ردت الفرات على أدراجه أردده من حيث يجيء حتى يعود كما بدأ، فإن قدرت على ذلك فستقدر على ما تريد، فدع عنك ما لست مدركه، سيروا إلى أمير المؤمنين وسيد المسلمين انفروا إليه أجمعين تصيبوا الحق.
فقام القعقاع بن عمرو فقال: إني لكم ناصح وعليكم شفيق، أحب لكم أن ترشدوا ولأقولن لكم قولا وهو الحق، أما ما قال الأمير فهو الحق لو أن إليه سبيلا، وأما ما قال زيد فزيد عدو هذا الأمر فلا تستنصحوه، والقول الذي هو الحق أنه لابد من إمارة تنظم الناس وتنزع الظالم وتعز المظلوم، وهذا أمير المؤمنين ولي بمن ولي وقد أنصف في الدعاء، وإنما يدعوا إلى الإصلاح، فانفروا وكونوا من هذا الأمر بمرأى ومسمع.
وقال عبد الخير الخيواني: يا أبا موسى هل بايع طلحة والزبير؟
قال: نعم.
قال: هل أحدث علي ما يحل به نقض بيعته؟
قال: لا أدري.
قال: لا دريت، نحن نتركك حتى تدري، هل تعلم أحدا خارجا من هذه الفتنة، إنما الناس أربع فرق: علي بظهر الكوفة، وطلحة والزبير بالبصرة، ومعاوية بالشام، وفرقة بالحجاز لا غناء بها ولا يقاتل بها عدو.