قال: وقد ذكرنا عمر بن عبد العزيز بالمسجد النبوي، فبينا أولئك العمال يعملون في المسجد وما إن خلا لهم المسجد فقال بعض أولئك العمال من الروم: ألا أبول على قبر نبيهم؟ فنهاهم عن ذلك بعض أصحابهم، فلما هم أن يفعل، اقتلع فألقي على رأسه فانتتر دماغه وأسلم بعض أولئك النصارى، وقد ذكر أن أبا الفتوح بن جعفر بن محمد الحسيني أمير مكة أمره خليفة مصر في سنة تسعين وثلاثمائة أن يتوجه إلى المدينة وينقل الجند المعظم إلى مصر، في سنة تسعين وثلاثمائة أن يتوجه إلى المدينة وينقل الجند المعظم إلى مصر، وبعث إليه عسكرا، فقده المدينة وأزال من حوله من بني مهنا الحيثيون عنها، ودخل الحجرة الشريفة ليمضي ما عزم عليه، فقام رجل فقرأ قوله تعالى: ﴿ألا تقاتلون قوما كفروا بعد إيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة﴾ (١) حتى تجيء سحابة خرج منها ريح عاصف ظلمت منه المدينة وما حولها وقويت حتى كادت تقتلع المنارات وهلك معظم العسكر ودواوينهم فكف أبو الفتوح عما قصده وعاد إلى مكة.
وقد ذكر الحافظ محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن المعروف باسم ابن النجار رحمه الله هذا الخبر في (تاريخه) فقال أيضا: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن المبارك المقدسي عن أبي المعالي صالح بن شافع الحنبلي، قال: أنبأنا القاسم بن عبد الله بن محمد المقدسي المعلم، حدثنا أبو القاسم عبد الحكيم بن محمد المغربي، قال: إن بعض الزنادقة أشار على الحاكم العبيدي صاحب مصر بنقل النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه إلى مصر، وزين له ذلك وقال:
متى تم ذلك شد الناس رحالهم من أقطار الأرض إلى مصر، وكانت منفعة لسكانهم، فأجابه الحاكم في ذلك، وبني بمصر (مسجدا) أنفق عليه مالا جزيلا قال: وبعث إلى أبي الفتوح (....) الموضع الشريف، وحمله، فلما وصل إلى المدينة وجلس بها حضر جماعة من المدينتين وقد علموا ما جاء فيه، وحضر معهم قارئ يعرف (بالألباني) فقرأ في المجلس: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم) إلى قوله: ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ (2) فهاج الناس وكادوا يقتلون أبا الفتوح ومن معه من الجند، ومنعهم من سارع إلى ذلك، إلا أن البلاد كانت لهم، لما رأى أبو الفتوح ذلك قال لهم: الله أحق أن يخشى، والله لو كان على من الحاكم فوات الروح ما تعرضت للموضع، وحصل له من ضيق الصدر ما