وجوب فرض، والأولى عندي أن منعه وكراهة مالك له لإضافته إلى قبر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأنه لو قال: زرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يكرهه لقوله (صلى الله عليه وسلم): اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد بعدي، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فنفي إضافة هذا اللفظ إلى القبر والتشبه بفعل أولئك قطعا للذريعة وحسما للباب والله أعلم.
قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه ومما لم يزل من شأن من حج المرور بالمدينة والقصد إلى الصلاة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والتبرك برؤية روضته، ومنبره، وقبره، ومجلسه، وملامس يديه، ومواطئ قدميه، والعمود الذي كان يستند، إليه وينزل جبريل بالوحي فيه عليه وبمن عمره، وقصده، من الصحابة وأئمة المسلمين، الاعتبار بذلك كله.
وقال ابن أبي فديك: سمعت بعض من أدركت يقول بلغني أنه من وقف عند قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) فتلا هذه الآية: * (إن الله وملائكته يصلون على النبي) * ثم قال: صلى الله عليك يا محمد، من يقولها سبعين مرة ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان، ولم تسقط له حاجة.
وعن يزيد بن أبي سعيد المقبري قدمت على عمر بن عبد العزيز فلما ودعته قال: لي إليك حاجة: إذا أتيت المدينة ستري قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقرئه مني السلام. قال غيره: وكان يبرد إليه البريد من الشام، قال بعضهم: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) فوقف فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح الصلاة فسلم على النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم انصرف، وقال مالك في رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي (صلى الله عليه وسلم) ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنو، ويسلم، ولا يمس القبر بيده.
وقال في (المبسوط): لا أرى أن يقف عند قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) يدعو ولكن يسلم ويمضي، قال ابن أبي مليكة من أحب أن يقوم وجاه النبي (صلى الله عليه وسلم) فليجعل القنديل الذي في القبلة عند القبر على رأسه، وقال نافع كان ابن عمر يسلم على القبر، رأيته مائة مرة وأكثر يجيئ إلى القبر فيقول السلام على النبي (صلى الله عليه وسلم)، السلام على أبي بكر، السلام على أبي ثم ينصرف، ورؤي ابن عمر واضعا يده على مقعد النبي (صلى الله عليه وسلم) من المنبر ثم وضعها على وجهه.
وعن ابن قسيط والعتبي: كان أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا خلا المسجد حسوا رمانة المنبر التي تلي القبر بميامنهم، ثم استقبلوا القبلة يدعون. وفي (الموطأ) من رواية يحيى بن يحيى الليثي: أنه كان يقف على قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) فيصلي