الاعتراض ولم ينسبه إلى قائله لقد أجيب عن هذا الاعتراض بأن التاريخ إنما يقع برؤية الأهلة والأهلة، تختلف بحسب المطالع وكل قطر يؤرخون ويحولون برؤيتهم ولا يعتبرون برؤية من بعد عنهم في التاريخ وسائر الأحكام.
وأهل مكة رأو هلال ذي الحجة ليلة الخميس، ووقفوا يوم الجمعة، وأهل المدينة يجوز أنهم رأوه ليلة الجمعة، لأن مطلعهم مختلف عن أهل مكة، فإذا تمت الشهور كان أول ذي الحجة الجمعة وآخره السبت وأول المحرم الأحد وأخره الاثنين وأول سفر الثلاثاء، وآخره الأربعاء، وأول ربيع يوم الخميس، فيكون ثاني عشر الاثنين.
قول الرافعي رحمه الله: إنه صلى الله عليه وسلم عاش بعد حجته ثمانين يوما، يقتضي أن وفاته أول يوم من ربيع الأول، وقد ذهب إليه طائفة كما تقدم.
وقال محمد بن عابد في (مغازيه) حدثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير أنه حدثهم عن محمد بن السيد الكلبي عن أبي صلح بن العباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - أن الله عز وجل أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو واقف صلى الله عليه وسلم بعرفه قوله تعالى ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ (1) فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام وإنه إنما عاش صلى الله عليه وسلم بعدها ثمانين يوما حتى قبضه الله تعالى وقوله يوما بعد الثمانين يقتضي وفاته لليلتين مضتا من ربيع الأول.
قال سيف في كتاب (الردة): عن محمد بن عبيد الله عن الحكم عن (مقسم) عن ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - قال: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته أو نفر نزل الحصبة ثم ارتجل منها حتى قدم المدينة فأقام بها بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وتوفي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لعشر خلون من ربيع الأول وقال عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة - رضي الله تبارك وتعالى عنها - مثله إلا أن ابن العباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - قال: في أول الأيام مضينا منه وقالت عائشة - رضي الله تبارك وتعالى عنها - بعد ما مضى منه والله تبارك وتعالى أعلم.
* * *