إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ١٤ - الصفحة ٤٢٠
ثم أنت تبكين، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت:
ما كنت أفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره قالت: فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت؟
لها عزمت عليك بمالي عليك من الحق لما حدثتني ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: أما الآن فنعم: أما حين سارني في المرة الأولي فأخبرني أن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة، وإنه عارضه الآن مرتين. وقال البخاري: وإنه قد عارضني به العام مرتين وإني لا أري الأجل إلا وقد اقترب فاتق الله تعالى واصبري فإنه نعم السلف أنا لك، قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني في الثانية فقال: صلى الله عليه وسلم يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة؟ قالت - رضي الله تبارك وتعالى عنها -: فضحكت ضحكي الذي رأيت (1).
أخر عند البخاري: هذه الأمة، وقال فيه: فقلت لها أيا من نسائه خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسر بيننا ثم أتيت تبكين؟ وقال فيه مسلم: في كل سنة مرة أو مرتين.
وخرجه النسائي (2) وقال فيه: فجاءت فاطمة رضي الله تبارك وتعالى عنها - تمشي ولا والله أن تخطي مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهت إليه فقال صلى الله عليه وسلم: مرحبا يا بنيتي. أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان (3) في باب من ناجى بين يدي الناس ومن لم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به.
وخرج في باب علامات النبوة في الإسلام (4) وفي آخر المغازي (5) وفي باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، من حديث إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عروة عن عائشة - رضي الله تبارك وتعالى عنها - قالت: دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة ابنته - رضي الله تبارك وتعالى عنها - في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشئ

(١) (مسلم بشرح النووي): ١٦ / ٢٣٨ - ٢٣٩، كتاب فضائل الصحابة باب (15) فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصلاة والسلام، حديث رقم (98).
(2) لعله في (الكبرى).
(3) (فتح الباري): 11 / 94، كتاب الاستئذان، باب (43) من ناجى بين يدي الناس، ولم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به، حديث رقم (6285)، (6286)، قوله: باب من ناجى بين يدي الناس ولم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به - ذكر فيه حديث عائشة في قصة فاطمة رضي الله عنها إذ بكت لما سارها النبي صلى الله عليه وسلم ثم ضحكت لما سارها ثانيا فسألتها عن ذلك فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر في الوفاة النبوية، قال ابن بطال: مسارة الواحد مع الواحد بحضرة الجماعة جائز لأن المعنى الذي يخاف من ترك الواحد لا يخاف من ترك الجماعة قلت: وسيأتي إيضاح هذا، قال: وفيه أنه لا ينبغي إفشاء السر إذا كانت فيه مضرة على المرء، لأن فاطمة لو أخبرتهم لحزن لذلك حزنا شديدا، كذا لو أخبرتهن أنها سيدة نساء المؤمنين لعظم ذلك عليهن واشتد حزنهن، فلما أمنت من ذلك بعد موته أخبرت به. قلت: أما الشق الأول فحق العبارة أن يقول: فيه جواز إفشاء السر إذا زال ما يترتب على إفشائه من المضرة، لأن الأصل في السر الكتمان وإلا فما فائدته؟ وأما الشق الثاني فالعلة التي ذكرها مردودة، لأن فاطمة - رضي الله عنها - ماتت قبلهن كلهن وما أدري كيف خفى عليه هذا؟ ثم جوزت أن يكون في النسخة سقم وأن الصواب فلما أمنت من ذلك بعد موته، وهو أيضا مردود لأن الحزن الذي علل به لم يزل بموت النبي صلى الله عليه وسلم بل لو كان كما زعم لاستمر حزنهن على ما فاتهن من ذلك، وقال ابن التين يستفاد من قول عائشة (عزمت عليك بمالي عليك من الحق) جواز العزم بغير الله، وقال: وفي (المدونة) عن مالك إذا قال: أعزم عليك بالله فلم يفعل لم يحنث، وهو كقوله ك أسألك بالله، وإن قال: أعزم بالله أن تفعل فلم يفعل حنث، لأن هذا يمين إنتهى، والذي عند الشافعية أن ذلك في الصورتين يرجع إلى قصد الحالف، فإن قصد يمين نفسه فيمين، وإن قصد يمين المخاطب أو الشفاعة أو أطلق فلا.
(4) (سبق تخريجه).
(5) (المرجع السابق): 8 / 171، كتاب المغازي، باب (84) مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، حديث رقم (4433 - 4434).
(٤٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»
الفهرست