إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ١٤ - الصفحة ٣٣٥
ما تحب، فقال: يا أبا الوليد اسمع: فقرأ عليه ﴿حم﴾ (١) السجدة فقال: هذا كلام ما سمعت مثله، ثم التفت إلى جماعة قريش فقال: دعوه، وخلوا بينه وبين العرب، فليس بتارك أمره، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم وعتبة يكلمه، وقد طمع فيه أن يسلم، فشغل عنه، فأنزل الله تعالى: ﴿عبس وتولى * أن جاءه الأعمى﴾ (٢) وقوله: ﴿أما من استغنى﴾ (3) بعني عتبة (4) ويقال: بل الذي شغل النبي صلى الله عليه وسلم به عن ابن أم مكتوم قال له: علمني مما علمك الله، فأقبل على أمية بن أمية بن خلف وتركه، وقتل عتبة يوم بدر وله خمسون سنة، وكان أبو حذيفة بن عتبة (5) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما.

(١) السجدة: ١.
(٢) عبس: ١، ٢.
(٣) عبس: ٥.
(4) هذا المستغني هو الوليد، أو أمية، أو عتبة وشيبة، وجميع المذكورين في سبب النزول أقوال، قال القرطبي:
وهذا كله غلط من الفسرين، لأن أمية والوليد كانا بمكة، وابن أم مكتوم كان بالمدينة ما حضر معهما، وماتا كافرين، أحدهما قبل الهجرة والآخر في بدر، ولم يقصد قط أمية بالمدينة، ولا حضر معه مفردا ولا مع أحد.
وابن أم مكتوم: هو عبد الله بن سرح بن مالك بن ربيعة الفهري، من بني عامر بن لؤي، وأم مكتوم أم أبيه عاتكة، وهو ابن خال خديجة - رضي الله تبارك وتعالى عنها - (البحر المحيط): 10 / 407، مختصرا.
(5) هو أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي، العبشمي. قال معاوية: اسمه مهشم، وقيل: هشيم، وقيل: هاشم، وقيل: قيس.
كان من السابقين إلى الإسلام، وهاجر الهجرتين، وصلى القبلتين. قال ابن إسحاق: أسلم بعد ثلاثة وأربعين إنسانا، وثبت ذكره في (الصحيحين) في قصة سالم من طريق الزهري، عن عروة عن عائشة - رضي الله تبارك وتعالى عنها - أن أبا حديفة بت عتبة كان ممن شهد بدرا، يكنى سالما، قالوا: كان طوالا حسن الوجه استشهد يوم اليمامة، وهو ابن ست وخمسين سنة.
قال أبو عمر بن عبد البر: كان من فضلاء الصحابة من المهاجرين الأولين، جمع الله له الشرف والفضل، صلى القبلتين، وهاجر الهجرتين جميعا، وكان إسلامه قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم للدعاء فيها إلى الإسلام. هاجر مع امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك محمد بن أبي حذيفة، ثم قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا، وأحدا، والخندق، والحديبية، والمشاهد كلها. وقتل يوم اليمامة شهيدا، وكان أثعل، والأثعلا الذي له سن زائدة، تدخلها من صلبها الأخرى، وفيه تقول هند بنت عتبة حين دعا أباه إلى البراز يوم بدر:
فما شكرت أبا رباك من صغر * حتى شببت شبابا غير محجون الأحول الأثقل المشؤوم طائرة * أبو حديفة شر الناس في الدين قال أبو عمر بن عبد البر: بل كان من خير الناس في الدين، وكانت هي - إذ قالت هذا الشعر - من شر الناس في الدين (الإصابة): 7 / 87، ترجمة رقم (9748)، (الإستيعاب): 4 / 1631 - 1632، ترجمة رقم (2914)، (جمهرة أنساب العرب): 77
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»
الفهرست