قوله، ويسمون هذا الفصل النسئ، لأنهم كانوا ينسؤون أول السنة في كل سنتين أو ثلاث أشهر على حسب ما يستحقه التقدم، وكان النسئ الأول للمحرم، فيسمي صقر باسمه، ويسمي ربيع الأول باسم صفر، ثم قالوا: بين أسماء الشهور، وكان النسئ الثاني لصفر، فسمي الشهر الذي يتلوه بصفر أيضا، وكذلك حتى دار النسئ في الشهور الاثني عشر، وعاد إلى المحرم، فعادوا بها فعلهم الأول، وكانوا يعدون إذا رأوا النسئ ويحدون بها الأزمنة فيقولون قد دارت السنون من لدن زمان كذا إلى زمان كذا وكذا دورة، فإن ظهر لهم مع ذلك تقدم شهر عن فصل من الفصول الأربعة، لما يجتمع من كسور سنة الشمس، وبقية فصل ما بينهما وبين سنة القمر الذي ألحقوه بها، كبسوه كبيسا زائدا، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم حتى دار النسئ وعادت الشهور، فبعث أبا يكر - الصديق - رضي الله تبارك وتعالى عنه - على الحج في سنة تسع من الهجرة، وقد وافق الحج في ذي القعدة، فلما كانت سنة عشر، عادت الشهور إلى مواضعها الحقيقية، فحج رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ حجة الوداع وقال ألا إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض، يعني أن الشهور قد عادت إلى مواضعها، وزال عنه فعل العرب الذي أحدثوه من النسي، وأنزل الله عليه تحريم النبي فقال سبحانه وتعالى ﴿إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عنده ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله﴾ (1) الآية.
ويقال: إن القلمس - وهو سدم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة - قال: أري شهور الأهلة ثلاثمائة يوم وخمسة وستين يوما، فبيننا وبينهم أحد عشر يوما ففي كل ثلاث سنين شهر، فهذا نسئ، والنسئ المؤخر، فكان إذا جاءت ثلاث سنين قدم الحج في ذي القعدة، فإذا جاءت ثلاث سنين أخرها في المحرم وكان الناسئ من بني ثعلبة بن مالك بن كنانة يقوم على باب الكعبة فيقول: إن إلهتكم العزي قد أنسأت صفر الأول، وكان يحله عاما ويحرمه عاما وعن طاوس أنه قال: شهر الله الذي انتزعه من الشيطان المحرم، قال الزبير ابن بكار: وتفسيره أن أهل الجاهلية كانا يقولون صفر، وكانوا يحلون صفر عاما، ويحرمونه عاما، فجعل الله تعالى المحرم