قتالا شديدا فقتل ستة أو سبعة، وأصابته الجراح فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: قزمان قد أصابته الجراح، فهو شهيد! قال: من أهل النار، فأتى إلى قزمان فقيل له:
هنيئا لك يا أبا الغيداق الشهادة! قال: بم تبشرون؟ والله ما قاتلنا إلا على الأحساب، قالوا: بشرناك بالجنة، قال: جنة من حرمل، والله ما قاتلنا على جنة ولا نار، إنما قاتلنا على أحسابنا! فأخرج سهما من كنانته، فجعل يتوجأ به نفسه، فلما أبطأ عليه المشقص أخذ السيف فأتكأ عليه حتى خرج من ظهره، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أهل النار.
حدثنا يونس (1) بن محمد الظفري، عن أبيه، قال: أقبل قزمان يشد على المشركين، وتلقاه خالد بن الأعلم، وكل واحد منهما راجل، فاضطربا بأسيافهما فيمر بهما خالد بن الوليد فحمل الرمح على قزمان، فسلك الرمح في غير مقتل، شطب الرمح، ومضى خالد وهو يرى أنه قد قتله، فضربه عمرو بن العاص وهما على تلك الحال، وطعنه أخرى فلم يجهز عليه، فلم يزالا يتجاولان حتى قتل قزمان خالد بن الأعلم، ومات قزمان من جراحة به من ساعة، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة قتله الحارث بن الصمة خمسة.
فقال الواقدي (2) في (مغازيه): قال جابر بن عبد الله لما قتل سعد بن ربيع بأحد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم مضى إلى حمراء الأسد، وجاء أخو سعد بن ربيع فأخذ ميراث سعد، وكان لسعد ابنتان وكانت امرأته حاملا، وكان المسلمون يتوارثون على ما كان في الجاهلية حتى قتل سعد بن ربيع، فلما قبض عمهن المال - ولم تنزل الفرائض - وكانت امرأة سعد امرأة حازمة، صنعت طعاما - ثم دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - خبزا ولحما وهي يومئذ بالأسواف (3)، فانصرفنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الصبح، فبينا نحن عنده جلوس ونحن نذكر وقعة أحد ومن قتل من المسلمين، ونذكر سعد بن ربيع إلى أن قال رسول