إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ١٣ - الصفحة ١٢٧
خرج البيهقي (1) من حديث حذيفة - رضي الله تبارك وتعالى عنه - أنه قال لامرأته: أن سرك أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا، فلذلك حرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة.
وإذا تقرر ذلك، فالجنة محرمة على الكافرين ولأن الكافرة تكره صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة، قال القاضي حسين:
لا يجوز له أن ينزع ماؤه في رحمها، خالفه أبو إسحاق من أصحابنا فقال: لا يحرم عليه نكاحها كما في موالاته وحكمه صلى الله عليه وسلم في النكاح إن سعى من حكم أمته وهي حلال لهم وله أولى وهذا القائل يقول: لو نكح كتابية لهديت إلى الإسلام كرامة له، وفي (الحاوي) للماوردي أنه صلى الله عليه وسلم استمتع بأمته ريحانة بنت عمر بملك اليمين وكانت يهودية من بني قريظة بعد أن عرض عليها الإسلام فأبت ثم أسلمت بعد ذلك، وهذا دليل القائل على الأمة الكتابية كما سيأتي إن شاء الله - تعالى.
قال مؤلفه فيما نقله الماوردي نظر، فقد نقل الواقدي (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخذها من سبي بني قريظة لنفسه صفية عرض عليها الإسلام فأبت فعزلها

(١) (السنن الكبرى): ٧ / ٦٩ - ٧٠، كتاب النكاح، باب ما خص به من أن أزواجه أمهات المؤمنين، وأنه يحرم نكاحهن من بعده على جميع العالمين.
(2) (مغازي الواقدي): 2 / 520 - 521، باب غزوة بني قريظة.
وقال الواقدي: وحدثي ابن أبي سبرة، عن أبي حرملة، عن أخته أم عبد الله.... (قالت صفية): فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا قبل الكتيبة، فسبت في النزار قبل أن ينتهي النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكتيبة، فأرسل بي إلى رحله، ثم جاءنا حين أمسى فدعاني، فجئت وأنا مقنعة حيية، فجلست بين يديه فقال: إن أقمت على دينك لم أكرهك، وإن اخترت الله ورسوله فهو خير لك، قالت:
أختار الله ورسوله والإسلام، فأعتقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجني وجعل عتقي مهري، فلما أراد أن يخرج إلى المدينة قال أصحابه: اليوم نعلم أزوجة أم سرية، فإن كانت امرأته فسيحجبها وإلا فهي سرية. فلما خرج أمر بستر فسترت به فعرف أني زوجة، ثم قدم إلي البعير وقدم فخده لأضع رجلي، فأعظمت ذلك، ووضعت فخذي على فخذه، ثم ركبت، وكنت ألقى أزواجه، يفخرن علي يقلن: يا بنت اليهودي وكنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يلطف بي ويكرمني، فدخل علي يوما وأنا أبكي فقال: مالك؟ فقلت: أزواجك يفخرن علي ويقلن: يا بنت اليهودي، قالت: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غضب ثم قال: إذا قالوا لك أو فاخروك فقولي: أبي هارون وعمي موسى. (مغازي الواقدي): 2 / 674 - 675، باب غزوة خيبر مختصرا.
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست