أعلم. توفيت بالقدس الشريف وقبرها شرقيه بالطور. والله أعلم.
ثم دخلت سنة ست وثمانين ومائة فيها خرج علي بن عيسى بن ماهان من مرو لحرب أبي الخصيب إلى نسا فقاتله بها، وسبى نساءه وذراريه. واستقامت خراسان. وحج بالناس فيها الرشيد ومعه ابناه محمد الأمين، وعبد الله المأمون، فبلغ جملة ما أعطى لأهل الحرمين ألف ألف دينار وخمسين ألف دينار، وذلك أنه كان يعطي الناس فيذهبون إلى الأمين فيعطيهم، فيذهبون إلى المأمون فيعطيهم. وكان إلى الأمين ولاية الشام والعراق، وإلى المأمون من همدان إلى بلاد المشرق. ثم تابع الرشيد لولده القاسم من بعد ولديه، ولقبه المؤتمن، وولاه الجزيرة والثغور والعواصم، وكان الباعث له على ذلك أن ابنه القاسم هذا كان في حجر عبد الملك بن صالح، فلما بايع الرشيد لولديه كتب إليه: - يا أيها الملك الذي * لو كان نجما كان سعدا اعقد لقاسم بيعة * واقدح له في الملك زندا فالله فرد واحد * فاجعل ولاة العهد فردا ففعل الرشيد ذلك، وقد حمده قوم على ذلك، وذمه آخرون. ولم ينتظم للقاسم هذا أمر، بل اختطفته المنون والاقدار عن بلوغ الامل والأوطار. ولما قضى الرشيد حجه أحضر من معه من الأمراء والوزراء، وأحضر وليي العهد محمدا الأمين وعبد الله المأمون. وكتب بمضمون ذلك صحيفة، وكتب فيها الأمراء والوزراء خطوطهم بالشهادة على ذلك (1)، وأراد الرشيد أن يعلقها في الكعبة فسقطت فقيل: هذا أمر سريع انتقاضه. وكذا وقع كما سيأتي. وقال إبراهيم الموصلي في عقد هذه البيعة في الكعبة:
خير الأمور مغبة * وأحق أمر بالتمام أمر قضى أحكامه * الرحمن في البلد الحرام وقد أطال القول في هذا المقام أبو جعفر بن جرير وتبعه ابن الجوزي في المنتظم.
وفيها توفي من الأعيان أصبغ بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم أبو ريان في رمضان منها. وحسان بن إبراهيم قاضي كرمان عن مائة سنة.