يده ورجله، ألقي في عسكر الخبيث وأمر بضرب أعناق الأسارى، وانقطعت الميرة بذلك عن الخبيث بالكلية فأضر بهم الحصار وأضعف أبدانهم، فكان يسأل الأسير والمستأمن عن عهده بالخبز فيقول عهدي به منذ زمان طويل.
فلما وصلوا إلى هذا الحال رأى الموفق أن يتابع عليهم الحرب ليزيدهم ضرا وجهدا، فكثر المستأمنون في هذا الوقت وخرج كثير من أصحاب الخبيث فتفرقوا في القرى والأنهار البعيدة في طلب القوت، فبلغ ذلك الموفق فأمر جماعة من قواد غلمانه السودان بقصد تلك المواضع ويدعون من بها إليه فمن أبى قتلوه، فقتلوا منهم خلقا كثيرا وأتاه أكثر منهم.
فلما كثر المستأمنون عند الموفق عرضهم فمن كان ذا قوة وجلد أحسن إليه وخلطهم بغلمانه ومن كان منهم ضعيفا أو شيخا أو جريحا قد أزمنته الجراحة كساه وأعطاه الدراهم وأمر به أن يحمل إلى عسكر الخبيث فيلقى هناك ويأمره بذكر ما رأى من إحسان الموفق إلى ما صار إليه وأن ذلك رأيه فيهم. فتهيأ له بذلك ما أراد من استمالة أصحاب الخبيث.
وجعل الموفق وابنه أبو العباس يلازمان قال الخبيث تارة هذا وتارة هذا وجرح أبو العباس ثم برأ.