وكذلك حماة، وحلب.
وأرسل سيما الطويل بأنطاكية يدعوه إلى طاعته ليقره على ولايته فامتنع فعاوده فلم يطعه فسار إليه أحمد بن طولون فحصره بأنطاكية وكان سئ السيرة مع أهل البلد، فكاتبوا أحمد بن طولون ودلوه على عورة البلد فنصب عليه المجانيق وقاتله فملك البلد عنوة والحصن الذي له وركب سيما وقاتل قتالا شديدا حتى قتل ولم يعلم به أحد، فاجتاز به بعض قواده فرآه قتيلا فحمل رأسه إلى أحمد فساءه قتله.
ورحل عن أنطاكية إلى طرسوس فدخلها وعزم على المقام بها وملازمة الغزاة فغلا السعر بها وضاقت عنه وعن عساكره، فركب أهلها إليه بالمخيم وقالوا له قد ضيقت بلدنا وأغليت أسعارنا فإما أقمت في عدد يسير وإما ارتحلت عنا؛ وأغلظوا له في القول وشغبوا عليه فقال أحمد لأصحابه لتنهزموا من الطرسوسيين وترحلوا عن البلد ليظهر للناس وخاصة العدو أن ابن طولون على بعد صيته وكثرة عساكره لم يقدر على أهل طرسوس وانهزم عنهم ليكون أهيب في قلب العدو وعاد إلى الشام.
فأتاه خبر ولده العباس وهو الذي استخلفه بمصر أنه قد عصي عليه وأخذ الأموال وسار إلى برقة مشاقا لأبيه فلم يكترث بذلك ولم ينزعج له، وثبت وقضى أشغاله وحفظ أطراف بلاده وترك بحران عسكرا وبالرقة