(حكمتوه قاضيا بينكم * أبلج مثل القمر الزاهر) (لا يقبل الرشوة في حكمه * ولا يبالي غبن الخاسر) فقال المهتدي أما أنت أيها الرجل فأحسن الله مقالتك وأما أنا فما جلست حتى قرأت: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) الآية قال فما رأيت باكيا أكثر من ذلك اليوم.
قال أبو العباس بن هاشم بن القاسم الهاشمي كنت عند المهتدي بعض عشايا شهر رمضان فقمت لأنصرف فأمرني بالجلوس فجلست حتى صلى المهتدي بنا المغرب وأمر بالطعام فأحضر وأحضر طبق خلاف عليه رغيفان وفي إناء ملح وفي آخر زيت وفي آخر خل فدعاني إلى الأكل وأكلت مقتصرا ظنا مني أنه يحضر طعاما جيدا فلما رأى أكلي كذلك قال أما كنت صائما؟ قلت بلى قال أفلست تريد الصوم غدا قلت وكيف لا وهو شهر رمضان؟ فقال كل واستوف عشاءك فليس ههنا غير ما ترى فعجبت من قوله وقلت ولم يا أمير المؤمنين قد أسبغ الله عليك النعمة ووسع رزقه! فقال إن الأمر على ما وصفت والحمد لله ولكني فكرت في أنه كان من بني أمية عمر بن عبد العزيز فغرت لبني هاشم أن لا يكون في خلفائهم مثله وأخذت نفسي بما رأيت.
قال إبراهيم بن مخلد بن محمد بن عرفة عن بعض الهاشميين إن المهتدي وجدوا له سفطا فيه جبة صوف وكساء وبرنس كان يلبسه