فلقوا مفلحا بجبل زيني فلم يصل مفلح منه إلى ما يريده فصعد رأس الجبل فاحتمى به ونزل مفلح في أصل الجبل وجرى بينهما وقعات كثيرة ثم أصبحوا يوما وطلبوا مساورا فلم يجدوه وكان قد نزل ليلا من غير الوجه الذي فيه مفلح لما أيس من الظفر لضعف أصحابه من الجراح فحيث لم يره مفلح سار إلى الموصل فسار منها إلى ديار ربيعة سنجار ونصيبين والخابور فنظر في أمرها ثم عاد إلى الموصل فأحسن السيرة في أهلها ورجع عنها في رجب متأهبا للقاء مساور.
فلما قارب الحديثة فارقها مساور وكان قد عاد إليها عند غيبة مفلح فتبعه مفلح فكان مساور يرحل عن المنزل فينزله مفلح فلما طال الأمر على مفلح وتوغل في الجبال والشعاب والمضايق وراء مساور ولحق الجيش الذي معه مشقة ونصب فعاد عنه فتبعه مساور يقفو أثره ويأخذ كل من ينقطع عن ساقه العسكر فرجع إليه طائفة منهم فقاتلوه ثم عادوا ولحقوا مفلحا ووصلوا الحديثة فأقام بها مفلح أياما وانحدر أول شهر رمضان إلى سامرا فاستولى حينئذ مساور على البلاد وجبى خراجها وقويت شوكته واشتد أمره.