وحشدوا لما رأوا من ظهورهم عليه وانتدب لذلك رجل يعرف بحماز الساجي وكان من غزاة البحر وله علم في ركوب السفن فجمع المتطوعة ورماة الأهداف وأهل المسجد الجامع ومن خف معه من البلالية والسعدية ومن أحب النظر من غيرهم وشحن ثلاثة مراكب وشذوات مقابلة وجعلوا يزدحمون ومضى جمهور الناس رجالة منهم من معه سلاح ومنهم نظارة فدخلت المراكب في المد والرجالة على شاطئ النهر.
فلما علم صاحب الزنج بذلك وجه طائفة من أصحابه مع زريق الأصبهاني في شرقي النهر كمينا وطائفة مع شبل وحسين الحمامي في غربيه كمينا وأمر علي بن ابان أن يلقى أهل البصرة وأن يستتر هو ومن معهم بتراسهم ولا يقاتل حتى تظهر أصحابه وتقدم إلى الكمينين إذا جاوزهم أهل البصرة أن يخرجوا ويصيحوا بالناس وبقي هو في نفر يسير من أصحابه وقد هاله ما رأى من كثرة الجمع فسار أصحابه إليهم وظهر الكمينان من جانبي النهر ومن وراء السفن والرجالة فضربوا من ولي من الرجالة والنظارة فغرقت طائفة وقتلت طائفة وهرب الباقون إلى الشط فأدركهم السيف فمن ثبت قتل ومن ألقى نفسه في الماء غرق فهلك أكثر ذلك الجمع فلم ينج إلا الشريد وكثر المفقودون من أهل البصرة وعلا العويل من نسائهم وهذا يوم البيداء الذي أعظمه الناس.