المبحث الثالث في أقسام الحديث باعتبارات أخر غير ما مر وإن دخل بعض ما مر في ذلك كما يظهر.
واعلم أن ما يجئ من الأقسام ليس جميعها بالنظر إلى اعتبار واحد، بل جمع منها باعتبار وطائفة منها باعتبار آخر، على ما سبق.
والغرض أنها ليست أقساما متغايرة متقابلة، بل في الغالب أو دائما يكون أمر واحد مصداقا ومجمعا لعدة أقسام، يسمى بكل ما فيه من الاعتبارات باسم.
مثلا: باعتبار إفادته القطع بسبب كثرة رواته ونحوها - مما ذكر في محله - يسمى متواترا وآحادا، وباعتبار اتصال سنده وعدمه يسمى منصلا ومنقطعا.
وقد يختص بسبب اعتبار باسم ولم يسم بمقابلة من الاعتبار باسم، كالمستفيض على ما تكثرت سلسلة رواته، وليس لمقابله اسم خاص. وكالغريب والمعلل إلى غير ذلك.
وحيث إن وضع الرسالة على الاختصار - مع أن هذه المطالب في الحقيقة ليست من مسائل علم الرجال، بل ولا الأصول، وإنما أردنا الأتمية والأنفعية بعدم إخلائها عنها - فالمناسب الاقتصار في ذلك، وجمع جميع الأقسام في مقام واحد، فإنه أسهل لمن إليه رجع، وأضبط له وأنفع، فيقول: من أقسامها:
المتواتر. وهو ما بلغت رواته في الكثرة في كل طبقة مبلغا أحالت العادة بها كونه كذبا، وليس المراد هنا الكشف التام حتى يورد علينا بطرد أو عكس، بل المعرفة في