الظاهر وفاقا لبعض أجلاء العصر - كون المرادي أوثق وأعدل من الأسدي بل كونه أفقه منه أيضا لما مر من خبر انقطاع آثار النبوة واندراسها لولا الأربعة الذين أحدهم المرادي ولكونه من أحد حواري أبى جعفر عليه السلام كما ورد في بعض (1) الأخبار إلى غير ذلك، بل الظاهر أنه أحد الستة الذين ذكر الكشي أنهم أفقه الأولين كما حكاه عن قائل وإن ذكر هو مكانه الأسدي ولا أقل من كون المرادي متفقا على وثاقته بخلاف الأسدي كما عرفت.
المقام الرابع: فيما يميز أحد الثقتين عن الآخر بل عن غيرهما عدا وجه انصراف الإطلاق فنقول: أسباب هذا التميز كثيرة:
منها كون المروى عنه مولانا الكاظم عليه السلام فإنه يفيد أنه غير الأسدي لما مر من عدم إدراكه إلا قليلا من زمانه عليه السلام يقرب سنتين بخلاف المرادي كما يظهر من إكثاره الرواية عنه عليه السلام والظن يوجب الإلحاق بالأغلب بل مقتضى نقل ابن مسكان الذي هو الراوي عن المرادي عن أبي بصير - تاريخ وفاة مولانا الكاظم عليه السلام أنه أدرك لتمام زمانه عليه السلام إلا أنه ربما ينافيه تصريح النجاشي بموت عبد الله بن مسكان في أيام أبى الحسن عليه السلام قبل الحادثة إلا أن يكون المرادي بأبي الحسن الرضا عليه السلام وبالحادثة خروجه عليه السلام إلى خراسان أو وقوع ولاية العهد له عليه السلام.
فإن أول بكونه غير الراوي عن أبي بصير أو وقوعه في غير موقعه كان منافيا لما قصدناه من الاستدلال إذ لا معين لكون أبي بصير المرادي حينئذ مع ضعف الخبر على الأخير أيضا إلا أن يقال - بعد انتفاء احتمال كونه الأسدي لما مر -: إن الانصراف السابق يعين كونه المرادي ومنه يظهر أنه لا حاجة في هذا التميز إلى هذا الخبر أصلا لكن المحكى عن المولى عناية الله أنه قال: " قد يكون المطلق مشتركا بينهم إذا روى عن الباقرين أو أحدهما عليهما السلام،