والظاهر جريان هذا البحث في اللفظ السابق أيضا على ما قررناه من استفادة الإمامية منه أو معه بل على عدمها أيضا إذ منشؤ الإشكال وجهان:
أحدهما: أن غير الإمامي إذا أطلق الثقة على شخص فهل يستفاد منه كونه إماميا بالمعنى الأخص وهو الاثني عشري، أو بالمعنى الموافق لمذهب القائل، أو بالمعنى الأعم؟
وثانيهما: أنه هل يستفاد منه العدالة الخاصة بمذهبنا أو بمذهبه أو بالمعنى الأعم؟
فبالنسبة إلى الأخير لا فرق بين اللفظين ولو على عدم استفادة الإمامية من أولهما.
وكيف كان فالوجه عدم الاختصاص، فلا يعتبر في القائل الإمامية الخاصة.
أما بالنسبة إلى الإشكال الأول، فلعموم أكثر الوجوه المذكورة في استفادة الإمامية من اللفظين المزبورين ولو مع قرينة خارجية، أو من الخارج الصرف.
وأما بالنسبة إلى الثاني فلأن أصل المعنى المعبر عنه بالعدالة والوثوق - الموجب للركون إلى قول صاحبه والاعتماد عليه - هو معنى عام لا يختص بدين دون دين، ولا بمذهب دون مذهب، فإنه عبارة عن التزام العبد بمهمات ما في دينه ومعظمات ما في مذهبه، أو عن حالة ذلك فيه، وإنما الاختلاف فيما في الدين والمذهب.
وتقييد العدالة بكونها في المذهب في كلام من أثبتها لمن يخالفه فيه - كما نذكر ذلك بالنسبة إلى من خالفنا، ولعلهم يذكرونه أيضا بالنسبة إلينا، بخلاف إثباتنا للموافق لنا فيه - إنما هو من باب الإتيان بما يصرف الظهور الناشئ من الإطلاق، الموجب للاختصاص ببعض أفراد المطلق، كقولك: ائتني بإنسان أي إنسان كان وقد نترك القيد إما لإنكار الظهور المزبور أو لعدم قوته أو للاتكال على أمر خارج.
ومن هنا أطلق النجاشي بل غيره عدالة كثير ممن خالفنا.
ولا يخفى أنه قد يكون أحد المذاهب أظهر وأجلى ولو لكثرة أهله وانتشارهم، فالإطلاق يوجب الصرف إلى العدالة في ذلك المذهب وإن كان المطلق من غير أهله، خصوصا إذا كان كثير الاختلاط والصحبة معهم، لا سيما إذا كان مرجعا لهم يأخذون منه التعديل والتضعيف، وخاصة حيث كان السائل منه عن حال شخص منهم، فإنه