الأمر الثاني: في بيان الحق وإبطال غيره.
فنقول: حيث إن البناء على الركون إلى الإجماع المزبور إما تعبدا أو للبناء على اعتبار الظن في الطريق، أو على اعتباره في نفس الاحكام، بناء على قاعدة الانسداد، المقررة في أحدهما، أو في خصوص الرجال المسلمة فيه كما عرفت، ولا شك في إفادته الظن، وجب 1 علينا البناء على ما يظهر من اللفظ المزبور لكونه حينئذ كغيره من الألفاظ التي هي حجة أو من أجزائها.
والذي يظهر لنا من اللفظ المزبور ما فهمه المشهور، ومنه يظهر أنه لو كان في الظهور المزبور في نفسه قصور، فهو بفهم المشهور مجبور.
فأما الوجه الثاني المعزى إلى الأكثر، المدعى عليه إجماع العصابة: فإن كان المراد به ما ينفى المختار، فلا ريب في ضعفه فإن الظهور بمرأى منا كمصير المشهور إليه، بل لم نقف على مصرح به غير من ذكر، فأين الكثرة؟ وأين الإجماع؟ وإلا بأن أريد به زيادة على المختار إثبات وثاقة الرجل المقول في حقه اللفظ المزبور - نظرا إلى استبعاد إجماعهم على روايات غير الثقة، مع اختلاف مشاربهم بل رميهم كثيرا من الثقات بالضعف وفساد العقيدة، لا سيما القميين منهم، خصوصا بعد استثناء مثل الصدوق وشيخه روايات جماعة عن أخرى، كرواية محمد بن عيسى من كتب يونس، ورواية محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن يحيى المعاذي، أو عن أبي عبد الله الرازي وغير ذلك، خصوصا حيث أجمعوا على صحة جميع ما رواه، بل جميع ما يرويه، كما هو مفاد هيئة المضارع - ففيه أن ما ذكر - على فرض تسليم إفادته بنفسه أو بانضمام اللفظ المزبور شرطا أو شطرا للظن المعتبر - معارض بظهور عبائر المشهور، بل صراحتها في نفى ذلك، مع أن الظاهر خلافه، بل هو استدلال بالأعم لإمكان أن يكون منشؤ الإجماع وقوفهم على نهاية دقته في نقل الرواية بحيث لا يروى إلا ما علم أو ظن بصحته مع معرفته بعيوب الرواية والرواة، وهذا لا يستلزم وثاقته في نفسه،