فإن كان الوصف المزبور أخس مراتب أوصاف السند في الاعتبار كالقوى، كان بقية السند من أقسام الضعيف.
وإن كان مما هو فوق الأخس، احتمل كون البقية مما هو أخس منه ومن الضعيف.
ومن هنا يتكثر الاحتمال إن كان الوصف المزبور من أعلى المراتب في الاعتبار، كالصحيح أو الأعلى من أقسامه، وحيث يقوم في الجميع احتمال الضعيف ما لم تكن قرينة على نفيه ألحق الجميع بالضعيف لما مر مرارا من تبعية النتيجة لأخس المقدمات.
وربما تقع الغفلة عن ذلك فيظن من كلماتهم تصحيح السند أو توثيقه بنحو ما سمعت، ومنشؤها عدم الاطلاع على ما ذكرنا من الاصطلاح أو قلة التأمل، فاجعل ذلك نصب عينيك، ولا تغفل ولا تتوهم أن من أقسام الضعيف جملة من أقسام ما أطلق عليه الصحة، كما كثر في كلام العلامة حيث إن رواته كلا أو بعضا غير موثقين في كتب الرجال، وذلك لما أشرنا إليه في أقسام الصحيح من أن منها ما يكون التوثيق لجميع سنده أو بعضه بطريق الظنون الاجتهادية.
وأمثال هذا الإطلاق ناظر إلى ذلك إن أمكن، وإلا فمبني على الغفلة والاشتباه، وهو على فرض تحققه أقل قليل.
ثم إن الظاهر المصرح به في كلمات جمع أن الباعث للمتأخرين على التقسيم المزبور والاصطلاح المذكور ضبط طريق اعتبار الرواية وعدمه من جهة رجال السند، مع قطع النظر عن النظائر الخارجة بضابط حيث اندرست الأمارات بتطاول العهد، وسقطت أكثر قرائن الاعتبار، لا حصر اعتبار الرواية وعدمه فيما ذكروه على الإطلاق.
ومن هنا تراهم كثيرا ما يطرحون الموثق بل الصحيح، ويعملون بالقوي، بل بالضعيف، فقد يكون ذلك لقرائن خارجة، منها: الانجبار بالشهرة رواية أو عملا. وقد يكون لخصوص ما قيل في حق بعض رجال السند، كالإجماع على تصحيح ما يصح عنه، أو على العمل بما يرويه على أحد الاحتمالين فيه، أو قولهم: " إنه لا يروي - أو - لا يرسل إلا عن ثقة "، ونحو ذلك، فالنسبة بين الصحيح عندهم والمعمول به عموم من وجه.