لا ينبغي الريب حينئذ في ظهور إطلاقه في العدالة على مذهب السائل.
وقد مر عن التعليقة حكاية ركون الأصحاب إلى توثيق وتضعيف ابن فضال وابن عقدة، بل أخذ الجميع منه، مع ظهور أنهم لا يحملونهما على مذهبيهما، فظهر أنهم حملوهما على ما في مذهبنا أو على الإطلاق، ولعله الأظهر.
ولا ينافيه إثبات العدالة في مذهبنا بذلك لتحمل الإطلاق لذلك، بل قد عرفت أن التغاير بأمر خارج لا توجب خصوصياته تعدد الأفراد، فتأمل جيدا، فإنه متين نافع في دفع جملة من الشبهات من غير حاجة إلى ما في الفوائد المشار إليها في دفع الإشكال الآتي من دعوى ظهور اتحاد سبب الجرح والتعديل في المذهبين سوى الاعتقاد بإمامة إمام، فإنه - كما ترى - غير ما أشرنا إليه، كما لا يخفى.
والأمر الثاني: أنهم كثيرا ما يطلقون اللفظين في حق شخص، ثم يصرحون متصلا به أو منفصلا - وكذا يصرح غيرهم - بأنه فطحي أو واقفي أو ناووسي، فلو كان فيهما الدلالة على الإمامية، كان بين التصريحين تناف وتناقض، وليس البناء عليه، بل على الجمع بينهما، إلا أن يرجح الأول بمرجح خارجي.
وبالجملة، كان مقتضى التناقض التزام الترجيح مطلقا، لا تقديم الأخير على الأول، فهذا كاشف آخر عن عدم دلالة اللفظين على الإمامية.
ويدفع: بأنا على فرض البناء على استفادة الإمامية من نفس اللفظين أو مع القرينة لم ندع صراحتهما في ذلك حتى يلزم ما ذكر، بل المدعى ظهورهما فيه، ولا ريب أنه يخرج عن الظهور بالتصريح بالخلاف إذا لم يكن موهونا في نفسه أو بأمر خارج، ولم يكن الظهور معتضدا بما لا يقاومه التصريح المذكور، فإن الجمع بين إطلاق توثيق شخص ورمى الآخر للموثق بالفطحية ونحوها ليس من الجمع بين المطلق والمقيد تعبدا أو ما يقرب منه، بل للظهور النوعي الذي يقدم عليه الظهور الشخصي على البناء على اعتبار الظن، كما هنا وفى باب الألفاظ، والموثق لعله لم يقف على ما ذكره المضعف أو اكتفى بظهور حال المضعف أو بقرينة أخرى خارجية، فلا نقول بمسامحته ولا تقصيره ولا خطئه مع أنه لا يوجب خطأه في أصل مدلول اللفظ،